الخميس 22 / ذو الحجة / 1446 - 19 / يونيو 2025
أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِى ظُلُمَٰتِ ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ ٱلرِّيَٰحَ بُشْرًۢا بَيْنَ يَدَىْ رَحْمَتِهِۦٓ ۗ أَءِلَٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ ۚ تَعَٰلَى ٱللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

"أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ [سورة النمل:63].

يقول تعالى: أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ أي: بما خلق من الدلائل السماوية، والأرضية كما قال: وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ [سورة النحل:16]، وقال تعالى: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ الآية [سورة الأنعام:97].

أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ أي بما خلق من الدلائل السماوية، والأرضية، والظلمات هنا تحتمل معنيين: تحتمل أن يكون المقصود بها ظلمات الليل، فيكون المعنى أمن يرشدكم في الليالي المظلمة إذا سافرتم في البر، والبحر؟ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ يعني ما الذي يرشدكم في الظلام حال السفر؟، فجعل لهم من الآلات ما يرشدهم كما قال الله : وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ [سورة النحل:16]، فعلامات وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ يعرفون ذلك بالنهار بعلامات كالجبال ونحو ذلك، ويهتدون ليلاً بالنجوم، ويحتمل أن يكون المقصود بالظلمات ليس الظلام؛ وإنما المفاوز التي لا أعلام فيها ولجج البحار، فشبهها بالظلمات باعتبار أنهم لا يجدون فيها ما يرشدهم يعني يمشي في أرض ليس فيها أي علامات يعرفها، ويهتدي بها إلى وجهته، وإذا دخل في لجج البحر فإنه لا يجد علامات تهديه إلى مراده، فذلك ظلمات بهذا الاعتبار يعني أن الأمر يكون مبهماً بالنسبة إليه، لا يظهر له وجه اهتداء، فجعل الله لهم من العلامات بالنجوم ونحوها ما يهتدون به إذا دخلوا البحر، فالذي جعل لهم علامات يهتدون بها، ويصلون بها إلى مطلوبهم هو الله - تبارك وتعالى -، وإذا نظرت إلى أخبار العرب في مثل هذا وجدت العجب، وبعضهم يستطيع أن يصف كل شيء بالنجوم - وهذا موجود إلى اليوم -، يعرفون أين يقع المكان الفلاني، وأين تسكن القبيلة الفلانية، فالله - تبارك وتعالى - جعل لنا النجوم لنهتدي بها في ظلمات البر والبحر، فهنا قال: أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، كقوله: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ [سورة الأنعام:97]، وإلا فإذا دخل البحر لا توجد فيه أي علامات عدا النجوم، فيهتدي بها.

"وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أي: بين يدي السحاب الذي فيه مطر، يُغيث به عباده المجدبين، الأذلّين، القنِطين أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ".

الرياح تكون مبشرة بالمطر، مبشرة له، وهي الريح التي تكون قبله مبعثرة فينزل المطر بعدها، وهذا مشاهد، بُشراً: كما أنها أيضاً تكون ناشرة للسحاب فهي نُشر، تنشر السحاب، وتلقحه، وتسوقه.