"ثم قال تعالى منبهًا على قدرته التامة، وسلطانه العظيم، وشأنه الرفيع الذي تجب طاعته، والانقياد لأوامره، وتصديق أنبيائه فيما جاءوا به من الحق الذي لا مَحيد عنه فقال: أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ أي: فيه ظلام تسكن بسببه حركاتهم، وتهدأ أنفاسهم، ويستريحون من نَصَب التعب في نهارهم، وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا أي: منيرًا مشرقًا، فبسبب ذلك يتصرفون في المعايش، والمكاسب، والأسفار، والتجارات، وغير ذلك من شئونهم التي يحتاجون إليها إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ".
هنا وصف النهار بكونه مبصراً وهذا محمول على أن المراد - والله تعالى أعلم - أن الناس يبصرون به مُبْصِرًا أي: يبصر الناس به، فهو وصف للناس، مبالغة في إضاءته، وبعضهم يقول: هذا الكلام فيه مقدر: أن الله جعل الليل مظلماً لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا لينتفعوا في معايشهم، ويتقلبوا في الأرض؛ طلباً للمكاسب، ولتحقيق مصالحهم - والله تعالى أعلم -.