الأحد 27 / ذو القعدة / 1446 - 25 / مايو 2025
قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَٰنًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا ۚ بِـَٔايَٰتِنَآ أَنتُمَا وَمَنِ ٱتَّبَعَكُمَا ٱلْغَٰلِبُونَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

"فلما سأل ذلك قال الله - تعالى -: سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ أي: سنقوي أمرك، ونعز جانبك بأخيك؛ الذي سألت له أن يكون نبياً معك كما قال في الآية الأخرى: قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى [سورة طه:36]، وقال تعالى: وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا [سورة مريم:53]، ولهذا قال بعض السلف: ليس أحد أعظم مِنَّةً على أخيه من موسى على هارون - عليهما السلام -، فإنه شفع فيه حتى جعله الله نبيًّا ورسولاً معه إلى فرعون وملئه، ولهذا قال تعالى في حق موسى: وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا [سورة الأحزاب:69].

وقوله تعالى: وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا أي: حجة قاهرة".

وبعضهم يقول: سلطاناً أي تسلطاً على فرعون وملئه، والأقرب - والله أعلم - أنه الحجة.

"قوله: فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أي: لا سبيل لهم إلى الوصول إلى أذاكما بسبب إبلاغكما آيات الله؛ كما قال الله - تعالى - لرسوله محمد ﷺ: يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ... إلى قوله: وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ [سورة المائدة:67]، وقال تعالى: الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ... إلى قوله: وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا [سورة الأحزاب:39] أي: وكفى بالله ناصرًا، ومعينًا، ومؤيدًا.

ولهذا أخبرهما أن العاقبة لهما، ولِمَنْ اتبعهما في الدنيا، والآخرة فقال: أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ".

قال بعض العلماء في قوله - تبارك وتعالى -: وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا: فيه مقدر محذوف أي فلا يصلون إليكما اذهبا بآياتنا، أو فلا يصلون إليكما تمتنعان بآياتنا، وبعضهم يقول: الباء للقسم، أقسم الله بآياته على ذلك، وبعض أهل العلم كابن جرير يقول: فيه تقديم وتأخير، بحيث يكون ترتيب الكلام: أنتما ومن اتبعكما الغالبون بآياتنا، يعني بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون، يعني الغلبة حصلت لهم بآيات الله ، والذين يقولون بهذا يقولون: سيحتجون بأن الأصل عدم التقدير، وأن الاستقلال أولى، والذين يقولون فيه مقدر محذوف يقولون: الأصل في الكلام الترتيب، ولا يدعى فيه التقديم والتأخير من غير ضرورة، لكن ذلك قد يكون متبادراً من غير تكلف بِآيَاتِنَا أَنتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ أي: بمعنى قول ابن جرير: أنتما ومن اتبعكما الغالبون بآياتنا، لكن لما كانت الغلبة بالآيات قدمها - والله أعلم -.