عبارة ابن كثير - رحمه الله - في قوله: فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ "أي: فإن لم يجيبوك عما قلت لهم، ولم يتبعوا الحق" دقيقة جداً، جمع فيها بين قولين مشهورين للمفسرين، وهذا من محاسن هذا التفسير، لكن الذي يقرأ هكذا من غير أن يكون عنده خلفية بما قاله المفسرون؛ لا يتفطن لمثل هذه المواضع، والقول الأول فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ أي يأتوا بكتاب أهدى منهما، إذا ما فعلوا؛ فاعلم أنهم لا يستطيعون هذا، فهم متبعون لأهوائهم، والمعنى الثاني فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ أي يؤمنوا بك، ويتبعوك بعد هذه الحجج، والبينات، والدلائل الواضحات؛ فاعلم أنما يتبعون أهواءهم يَسْتَجِيبُوا يعني الاتباع، والإيمان، والأول بالإتيان بكتاب أهدى كما طولبوا بذلك قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِّنْ عِندِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ، فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ فالحافظ ابن كثير - رحمه الله - قال: فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ أي: فإن لم يجيبوك عما قلت لهم، ولم يتبعوا الحق، فذكر القولين، وابن جرير - رحمه الله - اقتصر على أحدهما فقال: فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ أي: لم يأتوا بكتاب أهدى فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وما ذكره ابن كثير - رحمه الله - أحسن، وأشمل في المعنى - والله أعلم -.