الخميس 03 / ذو القعدة / 1446 - 01 / مايو 2025
وَكَأَيِّن مِّن نَّبِىٍّ قَٰتَلَ مَعَهُۥ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا۟ لِمَآ أَصَابَهُمْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا۟ وَمَا ٱسْتَكَانُوا۟ ۗ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلصَّٰبِرِينَ

المصباح المنير التسهيل في علوم التنزيل لابن جزي
مرات الإستماع: 0

"ثم قال تعالى مسلياً للمؤمنين عما كان وقع في نفوسهم يوم أحد: وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ [سورة آل عمران:146] قيل: معناه كم من نبي قُتل وقُتل معه ربيون من أصحابه كثير, وهذا القول هو اختيار ابن جرير".

قوله تعالى: وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ لفظة "كأين" يقول عنها أمثال الخليل، وسيبويه: إن أصلها "أن" دخلت عليها كاف التشبيه، وصارت بعد التركيب وكثرة الاستعمال بمعنى "كم" ثم تصرفت فيها العرب فصار فيها أربع لغات، الأولى: كأين نحو التي في قوله: وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ، الثانية: وكائن وهي قراءة ابن كثير، ويقف عليها بعض القراء كأبي عمرو (وكأي)، واللغة الثالثة: وكأيْن بفتح الهمزة والكاف وسكون الياء، واللغة الرابعة "كي إن" بكسر الهمزة، وعلى كل حال مثل هذا يستعمل للتكثير، فقوله: وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ يعني أنبياء كثير.
فقوله تعالى: وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ [سورة آل عمران:146] يقول ابن كثير - رحمه الله -: قيل: كم من نبي قُتل وقُتل معه ربيون من أصحابه كثير، وعلى هذا التفسير صار القتل واقعاً على النبي وعلى أتباعه، وذلك على قراءة (قُتِل) وهي قراءة نافع، وابن كثير، وأبي عمرو.
 وقوله: (قُتل) هذا فعل مبني للمجهول، ومعروف أن الفعل المبني للمجهول يكون ما بعده نائباً للفاعل، فما هو نائب الفاعل هنا؟ هل هو ضمير يرجع إلى النبي، يعني وكأين من نبي قتل أي هو، أم أن نائب الفاعل هو قوله: رِبِّيُّونَ أي وكأين من نبي قتل ربيون كانوا معه، وعلى هذا يكون القتل واقعاً على الربيين؟
هذا احتمال وبعض أهل العلم كالشنقيطي - رحمه الله - في أضواء البيان يرجح أن نائب الفاعل هو قوله: رِبِّيُّونَ ويحتج على هذا من جهة المعنى بأن الله أخبر أن الغلبة للرسل - عليهم الصلاة والسلام -، وأن النصر لهم، ويقول: وبالتتبع نجد أن الغلبة تكون بالسيف، وتكون بالحجة، وأكثر ما جاءت في القرآن في الاستعمال بالنسبة للأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - الذين أمروا بالقتال أن الغلبة تكون بالسيف، ثم إن الله جعل الغلبة مقابلة للقتل كما قال تعالى: فَيُقْتَلْ أَو يَغْلِبْ [سورة النساء:74] فالمقتول ليس بغالب، والله قال: وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ [سورة الصافات:173] وقال: إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا [سورة غافر:51] فالمقتول مغلوب - هذا كلام الشنقيطي رحمه الله -، وبناء على ذلك يقول: إن النبي إن كان قد قتل في ميدان المعركة فمعنى ذلك أنه قد غلب؛ لقوله: فَيُقْتَلْ أَو يَغْلِبْ [سورة النساء:74]؛ لأن المقتول صار مقابلاً للغالب، فالمقتول مغلوب، والقاتل غالب، ويقول: إن الأنبياء لا يغلبون، وبذلك يكون القتل وقع على الربيين.
وعلى كل حال القول بأن القتل في قوله تعالى: وكأين من نبي قُتل معه ربيون كثير - في قراءة نافع ومن معه - وقع على النبي وعلى الربيين لا يخلو من إشكال، وإن كان يمكن أن يخرَّج هذا باعتبار كأين من نبي قتل معه ربيون كثير قتلوا، لكن قد لا يكون هذا هو المتبادر، فالآية تحتمل وجوهاً من التفسير على هذه القراءة، ومنها كأين من نبي قتل أي أن القتل وقع على النبي، ومعه ربيون كثير، أي أتباع وجماعات، أو علماء ربانيين، وفقهاء، وعباد وغير ذلك فما فتَّ في أعضادهم قتل نبيهم، وقائدهم، وإمامهم، ومقدمهم، وإنما استمروا على ما كانوا عليه.
والمعنى الثاني: أن يكون القتل وقع على الربيين، فالعلماء الذين رجحوا أن القتل وقع على النبي، قالوا: لو كان القتل واقعاً على الربيين فكيف يقال: فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ [سورة آل عمران:146] وهم قد قتلوا؟
وهذا في الواقع لا إشكال فيه؛ لأن ذلك يرجع إلى من بقي منهم لم يقتل، يعني أن إخوانهم لم يتراجعوا، ويتضعضعوا، ويضعفوا أمام عدوهم حينما استحرَّ القتل في إخوانهم، وإنما من بقي حياً بقي عزيزاً ثابتاً، صامداً صابراً لم يتضعضع مع كثرة ما وقع من القتل لإخوانه.
وهذا جواب واضح، ولا إشكال فيه، وله شواهد، وله ما يدل على صحة هذا التخريج ومنها قول الله لبني إسرائيل في الكفارة لما عبدوا العجل: فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ [سورة البقرة:55] أي أنهم لما طلبوا أن يروا الله جهرة عاقبهم الله بأن أخذتهم الصاعقة فكيف ينظرون؟
المعنى على أحد الأقوال في الآية: أن بعضهم ممن لم يمت كان ينظر إلى الآخر وهو يموت أي ينظر بعضهم إلى بعض فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ [سورة البقرة:55]، فهذا أحد المعاني في هذه الآية، وبمثل هذا المعنى يقال في قوله: فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ [سورة آل عمران:146] أي أن من بقي حياً بقي عزيزاً ثابتاً، صامداً صابراً، لم يتضعضع مع كثرة ما وقع من القتل لإخوانه، والله تعالى أعلم.
وعلى القراءة الأخرى: وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ [سورة آل عمران:146] فهذا لا إشكال فيه، ثم إن القتل غير القتال، فما أصابهم من جراح، وآلام، وهزيمة لم يفتّ في أعضادهم، والآية تحتمل هذه المعاني جميعاً، وهذه المعاني معتبرة فيها وهي تربية لأهل الإيمان، فقد يقتل نبيهم كما قتل جماعة من الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام -، وقد يقتل كثير من الأتباع بل من خيار الأتباع، وتبقى البقية صامدة ثابتة لا تتضعضع، والقرآن يعبر عنه بالألفاظ القليلة الدالة على المعاني الكثيرة، ومن المعاني أنه يفترق المعنى في حال الوقف والوصل، فعند الوقف وكأين من نبي قُتل يصير المعنى والحال أن معه هؤلاء الجماعات رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ [سورة آل عمران:146]، والله أعلم.
"وقيل: وكم من نبي قتل بين يديه من أصحابه ربيون كثير، وكلام ابن إسحاق في السيرة يقتضي قولاً آخر"

قيل: معناها "كم من نبي قُتل وقُتل معه ربيون من أصحابه كثير"، يقول: "وهذا القول هو اختيار ابن جرير"، والصواب أن هذا ليس اختيار ابن جرير، وإنما اختيار ابن جرير يوافق قول ابن إسحاق الذي سيأتي.
"وكلام ابن إسحاق في السيرة يقتضي قولاً آخر، قال: وكأين من نبي أصابه القتل، ومعه ربيون: أي جماعات فما وهنوا بعد نبيهم، وما ضعفوا عن عدوهم، وما استكانوا لما أصابهم في الجهاد عن الله، وعن دينهم".

يعني عكس الأول، فالقول الأول الذي قال عنه: "وهذا قول ابن جرير" هو إن القتل وقع على الربيين، والقول الآخر هو أن القتل وقع على النبي فثبت أتباعه، وأصحابه من بعده، وهذا هو قول ابن جرير وليس الأول.
وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ [سورة آل عمران:146] فجعل قوله: مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ [سورة آل عمران:146] حالاً، وقد نصر هذا القول السهيلي وبالغ فيه، وله اتجاه؛ لقوله: فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ الآية [سورة آل عمران:146]".

قوله: "وله اتجاه؛ لقوله..." يعني والذي يمكن أن يرجِّح هذا القول هو قوله تعالى: فَمَا وَهَنُواْ، والمعنى أنه لو كانوا هم الذين قتلوا فكيف يقول: فَمَا وَهَنُواْ؟
لكن هذا يُرَدُّ بأنه لا إشكال فيه في الواقع حيث إن البقية التي لم تقتل منهم هي التي صبرت، وثبتت، وصمدت.
"وكذلك حكاه الأموي في مغازيه عن كتاب محمد بن إبراهيم ولم يقل غيره".

أي: لم يحكِ قولاً آخر، وإنما اقتصر على هذا كأنه مختار.
"وروى سفيان الثوري عن ابن مسعود : رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ أي ألوف.
وقال ابن عباس - ا - ومجاهد، وسعيد بن جبير وعكرمة، والحسن وقتادة، والسدي والربيع، وعطاء الخرساني: الربيون: الجموع الكثيرة".

بعضهم يقول: إن الرّبة الواحدة ألف، والربيون: بمعنى ألوف، فهذا تفسير لقول من قال: إن الرِّبة والرَّبة الواحدة تعني ألفاً.
يقول: "وقال ابن عباس - ا - ومجاهد، وسعيد بن جبير وعكرمة، والحسن وقتادة، والسدي والربيع، وعطاء الخرساني: الربيون الجموع الكثيرة" وهذا لا ينافي قول من قال: إنهم ألوف؛ فالألوف جموع كثيرة، وقد قرأ بعض السلف بضم الراء، وهي ليست من القراءات المتواترة، لكن نقل ذلك عن علي وجاء عن ابن عباس بالفتح، وبهذا يكون الواحد رَبِّي والجمع على الفتح رَبيون، وبعضهم يقول: هذا نسبة إلى الرب، كقوله: وَلَكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ [سورة آل عمران:79] ويقال: العالم الرباني، والرباني فيه معنى التربية، وقالوا: الربانيون يعني فقهاء علماء، وقالوا: الذين يرجع إليهم الناس في شئونهم كلها، وما ألم بهم في دينهم، ودنياهم، وما أشبه هذا، وإذا قيل بضم الراء وكسرها يكون منسوباً إلى الرِّبة أو الرُّبة، وهي الجماعة أو الألف.
"وقال عبد الرزاق عن معمر عن الحسن: رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ [سورة آل عمران:146] أي: علماء كثير، وعنه أيضاً: علماء صبر أبرار، وأتقياء.
فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ [سورة آل عمران:146] قال قتادة والربيع ابن أنس: وما ضعفوا بقتل نبيهم، وَمَا اسْتَكَانُواْ يقول: فما ارتدوا عن بصيرتهم، ولا عن دينهم أن قاتلوا على ما قاتل عليه نبي الله حتى لحقوا بالله.
وقال ابن عباس - ا -: وَمَا اسْتَكَانُواْ تخشعوا، وقال السدي وابن زيد: وما ذلوا لعدوهم، وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ [سورة آل عمران:146]".

يعني كأن الاستكانة تكون من قبيل الظاهر، أي ما يظهر عليهم من التخشع، وأما الضعف والوهن فيكون بالقعود عن عدوهم، ومناجزته، ويكون ذلك في القلوب، وما يكون في الخارج إنما هو نتيجة عنه، وعلى كل حال بعض أهل العلم يفرق بين هذه الألفاظ الثلاثة في قوله: فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ [سورة آل عمران:146] فينبغي مراجعة كتب التفسير في ذلك.

مرات الإستماع: 0

"وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيءٍ قُتِلَ [آل عمران:146] الفعل مسندٌ إلى ضمير النبي مَعَهُ رِبِّيُّونَ [آل عمران:146] على هذا في موضع الحال، وقيل: أنه مسند إلى الربيين، فيكون ربيون على هذا؛ مفعولًا لم يسمّ فاعله، فعلى الأول يوقف على قوله: قُتِلَ ويترجح على الأول: بما صرخ به الصارخ يوم أحد، إن محمدًا قد قُتل، فضرب لهم المثل بنبيءٍ قُتل، ويترجح الثاني: بأنه لم يُقتل قط نبيءٌ في محاربة".

قوله: وَكَأَيِّنْ كأي هذه يقولون: مركبة من: كاف التشبيه، وأي، وبعضهم يقول بأنها: كلمة واحدة غير مركبة، والخليل، وسيبويه يقولون: بأن أصلها: (أن) ودخلت عليها كاف التشبيه، فصارت بعد التركيب بمعنى: كَم[1] يعني لما دخل على (أن) كاف التشبيه، صارت بمعنى: كم، التي تأتي بمعنى التكثير، ثم تصرفت فيها العرب، فصار فيها أربع لغات (كائنْ) يعني بالنون في آخرها، وهذه قراءة متواترة، قرأ بها ابن كثير[2]: (وَكَائنْ مِنْ نَبِيٍّ) وأبو عمرو معروف أنه يقف هكذا: وكأي[3].

وفيها من اللغات (كأيّن) كأنك تقول: أين، ووضع كاف، هكذا تُكتب (كأين) هي لغةٌ، و[كأِيْن] فهذه مجموعها، مع وقف أبي عمرو (كأي) تكون أربع، هنا وقف أبي عمرو ليس، وقف اختيار، لكن لو احتاج إليه لانقطاع النفس، ونحو ذلك، فهل يقف عليها؟ لعل من حضر معنا في شرح رسالة السيوطي في الوقف يعرف هذا.

أبو عمرو كان يقف هنا (كأي) (وَكَأَيْ مِنْ نَبِيٍّ قُتِلَ) وقراءة نافع، وابن كثير، وبها قرأ البصريان[4]: وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قُتِلَ.

يقول: "الفعل مسندٌ إلى ضمير النبي" يعني على هذه القراءة (قُتل) وهذا إذا وقفت على قُتل كَأَيِّ هذه قلنا للتكثير، يعني كثير من الأنبياء قُتل.

مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا [آل عمران:146] يعني لقتل مقدمهم، ونبيهم، ما فت ذلك في أعضادهم، وما تراجعوا، وما استكانوا لعدوهم، وما ظهر عليهم الضعف، والخضوع، وإنما بقوا على ثباتٍ، وصبر، فالله - تبارك، وتعالى - يذكر ذلك لأهل الإيمان، مخاطبًا لهم بمثل هذا، على سبيل المعاتبة، كيف يحصل الضعف، والتراجع إذا كان النبي ﷺ قد قُتل، أو مات؟! والفرق بين القتل، والموت معروف، فخروج الروح من غير تسبب هذا هو الموت، يعني حتف أنفه، أما خروجها بتسبب فهذا هو القتل، والموت قد يُعبر به عن هذا، وهذا، كما قال الله تعالى: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ [آل عمران:185] فـ(كل) هذه أقوى صيغ العموم - كما هو معروف - فيدخل فيه من قُتل، ومن مات حتف أنفه، كل هؤلاء داخلين فيه.

فهنا قال: "الفعل مسندٌ إلى ضمير النبي" وهذا اختيار أبي جعفر بن جرير - رحمه الله -[5] وبه قال أيضًا ابن إسحاق[6] والسهيلي[7] فيكون المعنى على هذا الأساس: وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قُتِلَ فالقتل يكون واقعًا على النبي، وهذا من المواضع التي يتغير المعنى فيها، بحسب القراءة، والوقف، والمقصود بالوقف: الوقف الذي له وجه صحيح، وليست الوقوف المتكلفة، التي تُفسد المعنى، والإعراب، فهذا معنىً صحيح وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قُتِلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فهذا معنىً كبير في الثبات.

وعلى الوصل على هذه القراءة وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قُتِلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا بمعنى أن القتل وقع على الربيين، استحر فيهم القتل فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ يعني: من بقي على قيد الحياة لم يضعف، ولم يتضعضع، ولم يتراجع لما أصاب إخوانه من القتل، وإنما بقي ثابتًا، كما قال الله - تبارك، وتعالى -: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا [الأحزاب:23] والنحب - كما مضى - في المصباح: أنه يطلق على الموت، وعلى معانٍ أخر، لكن فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ فأحسن ما يفسر به - والله أعلم -: أي مات على الصدق، والوفاء، وهذا الذي يلتئم به المعنى؛ لأن النحب يأتي بمعنى: النذر، والعهد، ونحو ذلك.

يقول: "مَعَهُ رِبِّيُّونَ [آل عمران:146] على هذا في موضع الحال" يعني: حال وجود الربيين، أو حال كون الربيين معه، وقيل: "أنه مسند إلى الربيين" باعتبار أن القتل وقع على الربيين، "فيكون ربيون على هذا مفعولًا لم يسمّ فاعله" يعني أنه نائب فاعل قُتِلَ هذا فعل مبني للمجهول، قُتل ربيون معه، فهو نائب فاعل.

"فعلى الأول يوقف على قوله: قُتِلَ ويترجح على الأول: بما صرخ به الصارخ يوم أحد: إن محمدًا قد قُتل، فضرب لهم المثل بنبي قُتل" هذا مناسب في هذا السياق، وما جرى في المعركة وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قُتِلَ أي كم من الأنبياء قُتل مَعَهُ رِبِّيُّونَ يعني أتباع كثير فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا.

"ويترجح الثاني: بأنه لم يُقتل قط نبيٌ في محاربة" وتأمل طرق الترجيح: فالأول يترجح باعتبار الواقعة، والصارخ. . . إلى آخر ما وقع في أحد، فإن هذا يكون من القرائن التي يُرجح بها، فإن ما يتعلق بسبب النزول - وإن كان هذا لا يثبت - والملابسات في وقت النزول، كل ذلك مما يترجح به أحد المعاني على غيره.

لكن هنا المرجح للقول الآخر: أن القتل وقع على الربيين باعتبار أنه لم يُقتل نبيٌ في محاربة، وهذا الذي اختاره الشيخ محمد الأمين الشنقيطي - رحمه الله - باعتبار أن الغلبة التي وُعد بها الأنبياء - عليهم الصلاة، والسلام - وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ [الصافات:173] لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ [المجادلة:21] فهذه جاءت مؤكدة بالقسم التي دلت عليه لام القسم، فاستعمال الغلبة الغالب في القرآن، والوعد بها للأنبياء ينافي القتل، باعتبار أن المقتول مغلوب، كما قال الله : فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ [النساء:74] فجعل القتل مقابلًا للغلبة فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فدل على أن المقتول مغلوب.

واحتج - أيضًا - بقراءة: (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قُتِّل) وهي قراءة غير متواترة، والقراءة غير المتواترة إذا صح إسنادها، فإنها تفسر المتواترة، فهذه (قُتِّلَ) للتكثير، ولا يصح ذلك في قتل الواحد، وإنما لقتل النفوس الكثيرة؛ لهذا يقع على قتل الربيين، وهم الجماعات الكثيرة، والأتباع الكثير، ويمكن أن يُقال - والله تعالى أعلم -: بأن هذا يصح، وهذا يصح، والقرآن يُعبَر به بالألفاظ القليلة، الدالة على المعاني الكثيرة.

وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ على هذه القراءة - أيضًا - إذا أسند هذا إلى النبي، كثير من الأنبياء قاتلوا، ثم معه ربيون كثيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا ويمكن على الوصل: وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فيكون قاتلوا معه، وعلى القراءة الأولى: وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قُتِلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لقتله يعني، أو وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قُتِلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ على هذه القراءات، والوقف، والوصل يمكن أن يقال - والله تعالى أعلم -: بأن ذلك جميعًا يصح، وهو واقع، وفيه العبرة لأهل الإيمان - والله أعلم - وفي هذه القراءة الأخرى، لم يتعرض لها ابن جزي - رحمه الله -: وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ وهي التي نقرأ بها، لم يذكر توجيهها، وإعرابها، فبعضهم يقول: بأن: كَأَيِّنْ هذه مبتدأ، والخبر جملة قَاتَلَ؛ لأن الكلام لا يتم إلا بالخبر وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كثيرٌ من الأنبياء قاتل معه ربيون كثير، فيمكن الوقوف هنا على قَاتَلَ باعتبار أن الكلام تام، مبتدأ، وخبر وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ وتكون مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ في هذا الاعتبار جملة حالية من الضمير في قَاتَلَ ويمكن أن يكون مَعَهُ وحده هو الحال، ورِبِّيُّونَ يكون فاعلاً، والتقدير: استقر معه رِبِّيُّونَ إلى غير ذلك من الأوجه التي ذكروها - والله أعلم -.

"رِبِّيُّونَ علماء مثل ربانيين، وقيل: جموع كثيرة".

جاء عن علي أنه: قرأ (رُبيون) بضم الراء[8].

وعن ابن عباس بالفتح[9] (رَبيون) والمفرد: رَبي، نسبةً إلى الرب، على قول بعض أهل العلم، وهذا واضح على قراءة فتح الراء "رَبيون" وبضم الراء رُبيون، وبكسرها رِبِّيُّونَ بعضهم يقول: منسوبٌ إلى الرِبَّة بالكسر، أو الرُبَّة بالضم، وهي الجماعة قُتِلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ يعني: جماعات كثير، وهذا هو المشهور في تفسيره: أن الربيين يعني الجماعات، والأتباع الكُثُر.

لكن بالنسبة لقراءة الفتح (رَبيون) - وهي غير متواترة - يكون هذا باعتبار النسبة الرب، أنهم من "الربانيين" علماء، وما إلى ذلك من الأوصاف التي يكون مجموعها صفةً للربانيين، علماء، فقهاء، وكذلك تعلمون الناس صغار العلم قبل كباره، والعمل بالعلم، والإخلاص، والصدق، وما أشبه ذلك من الأوصاف المجتمعة.

وبالكسر (رِبيون) فسره ابن مسعود بالألوف[10] يعني جماعات كثير، وكما سبق أن بعضهم يقول: من الرِبِّة: الجماعة، يعني: جماعات.

ومن قال: علماء، هذا نُقل عن الحسن مثل "ربانيين"[11] هذا يصلح بناءً على الفتح، "رَبيون" فلعل الحسن كان يفسر هذه القراءة. 

وقيل: جموع كثيرة، من الرِبَّة، أو الرُبَّة على قراءة الضم، وهي غير متواترة - أيضًا - "رُبيون" أي جموعٌ كثيرة، وهذا الذي عليه عامة السلف فمن بعدهم: أن (الرِبيين) هم الجماعات، والأتباع الكثير، وهذا منقول عن ابن عباس، وابن مسعود، وعطاء، ومجاهد، وابن جبير، وعكرمة، والسدي، وعطاء الخرساني، وقتادة، والربيع بن أنس[12] وهو رواية أخرى عن الحسن البصري[13] يعني يمكن أن تكون رواية تفسيرًا لقراءة الفتح، والأخرى على قراءة الكسر - والله أعلم -.

"فَمَا وَهَنُوا الضمير لـرِبِّيُّونَ على إسناد القتل للنبي، وهو لمن بقي منهم على إسناد القتال إليهم".

 

فَمَا وَهَنُوا الضمير لرِبِّيُّونَ، ولا شك أن هذا يرجع إليهم "على إسناد القتل للنبي" فهذا واضح وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قُتِلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا يعني لقتله لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ما الذي أصابهم؟ قتل نبيهم، ووقع ذلك عليهم - بلا شك - أعظم من، وقوع القتل عليهم "وهو لمن بقي منهم على إسناد القتال إليهم" إسناد القتال، أو القتل، والقتل أوضح؛ لأنه يتكلم هنا عن قراءة قُتِلَ "على إسناد القتال إليهم" وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قُتِلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لكن الذي قُتِل كيف يكون ما وهن بما أصابه في سبيله؟ المقصود: من بقي على قيد الحياة، ما فتّ في عضده ما وقع من قتل على إخوانه.

"وَمَا اسْتَكَانُوا أي: لم يذلوا للكفار، قال بعض النحاة: الاستكان مشتقٌ [ - في النسخة الخطية - استكان مشتقٌ من السكون] ووزنه افتعلوا، مطلت فتحة الكاف، فحدث عن مطلها ألف، وذلك كالإشباع، وقيل: إنه من كان يكون، فوزنه استفعلوا".

هنا وَمَا اسْتَكَانُوا والمقصود: أنهم ما ارتدوا عن دينهم، بقوا في حالٍ من الثبات، وابن عباس - ا - يقول: تخشّعوا[14]؛ لأن أصل المادة من السكون، يعني ما ظهر عليهم أثر ذلك في سكون أعضائهم، وجوارحهم، بسبب قتل نبيهم، وقال بعض التابعين، مثل: السدي، وابن زيد: ما ذلُّوا لعدوهم[15].

فهنا فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا فهذه ثلاثة أمور نفاها الله - تبارك، وتعالى - عنهم، والفرق بين هذه الثلاثة: الوهن، والضعف، والاستكانة، ومثل هذه القضايا يعنى بها أصحاب الفروق اللغوية، وأحيانًا يصعب التفريق بينها، فبعض أهل العلم يقولون: هذا من قبيل الترادف، ومن لا يرى الترادف في القرآن، وهو ما يشير إليه شيخ الإسلام، حيث يقول: إن وُجِد فهو في لغة[16] العرب قليل، أو نادر، وأما في القرآن لا يكاد يوجد[17] ومذهب أبي هلال العسكري: أنه لا يوجد في اللغة ترادف أصلًا.

وبعضهم يقول بأن الضعف في قوله: فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا الضعف خلاف القوة، ويكون الضعف في: الجسد، والرأي، والعقل، والوهن هو أن يفعل الإنسان، ويصدر منه فعل الضعيف، يعني بالنسبة للضعف يكون صفةً راسخة في الإنسان، وأما الوهن كأنه مظهر فيما يفعله الإنسان، ويصدر عنه، أن يفعل الإنسان فعل الضعيف، يقال: وهن في الأمر إذا أخذ ذلك أخذ الضعيف وَلَا تَهِنُوا [آل عمران: 139] يعني: لا تفعلوا فعل الضعفاء؛ لأنه لا يقال: إن الله خلق الإنسان واهنًا، ولكن خلقه ضعيفًا، وقد يستعمل هذا مكان هذا.

فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا يعني: لم يفعلوا فعل الضعيف، ويمكن أن يقال: إن الوهن هو انكسار الجسد بالخوف، ونحوه، والضعف: نقصان القوة، وبعضهم يقول: الوهن: الضعف في العمل، والأمر، وكذلك - أيضًا - في العظم وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي [مريم:4] يقال: فلان واهنٌ في العمل يعني: ضعيف، وموهون في البدن، أو العظم، فهما متقاربان.

وبعضهم يقول: الوهن قلة القدرة على العمل، وعلى النهوض بالأمر، والضعف يقابل القوة في البدن، فالوهن أقرب إلى خور العزيمة، واليأس في النفوس، والضعف أقرب إلى الاستسلام، والفشل في المقاومة.

فالله - تبارك، وتعالى - نفى ذلك جميعًا عنهم، فقال: فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا لم يظهر عليهم شيءٌ من التراجع، والضعف، فبعضهم يقول: بأن بعض ذلك يقع في القلب، وبعضه في الجوارح، وبعضه في العمل.

فيكون معنى: فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا أي: لم يتركوا العمل، ولم تضعف نفوسهم، ولم يقع على جوارحهم السكون، وإن الإنسان إذا كان في حال من اليأس، والانكسار، ونحو ذلك، يظهر ذلك على جوارحه بالسكون، ولهذا يقال: المسكين، باعتبار أنه سكنت جوارحه، فلا حيلة له، ولا احتراف.

وكذلك ما يذكر من الإبلاس مُبْلِسُونَ [الأنعام:44] حتى قيل: في إبليس من الإبلاس، بمعنى: أنه انقطعت معاذيره، وحجته، فصار في حالةٍ من اليأس، يسكن معها سكون اليائس، الذي انقطع رجاؤه، فمن مجموع هذا يلتئم معنا كهذا، وكذلك - أيضًا - في كلام العرب، تجد مثل هذا، كقول الشاعر:

بنفسي وأهلي من إذا عرضوا له ببعض الأذى لم يدرِ كيف يجيبُ؟
فلم يعتذر عذر البريءِ، ولم يزل

به سكتة حتى يقال مريبُ"[18].

هذا يمدح جارية، فأهلها يضربونها في ريبة، وهي ساكتة لا تجيب، وتبكي، فيقول: أفديها بنفسي، وأهلي، يعني لضعفها لم تبدِ عذرًا، يعني كأنها ذات ريبة، فالإنسان يضعف أحيانًا، فيكون في حالٍ من السكون، لا يبدي شيئًا من معاذير في مقام الاعتذار، أو حجة في مقام الاحتجاج، أو مقاومة في ميدان المعركة.

فَمَا وَهَنُوا ما كلّوا وَمَا ضَعُفُوا تنتقض عزائمهم وَمَا اسْتَكَانُوا لم يستسلموا لعدوهم، ويخضعوا له، وإنما هم في غاية الثبات، والقوة، والعزم، والبذل، والعمل المتواصل في سبيل الله - تبارك، وتعالى - وهكذا ينبغي أن يكون أهل الإيمان، سواء كان ذلك في أرض المعركة، أو في مقام الدعوة إلى الله - تبارك، وتعالى - مهما أجلب عليهم الأعداء، وتكاثر عليهم الخصوم، فإنهم يتعاملون مع الله - تبارك، وتعالى - الذي نواصي الخلق بيده، وهو الذي يملك النفع، والضر، وهو الذي وعدهم بالجزاء الحسن، والثواب الجزيل، وهم صائرون إليه، ومجازيهم على أعمالهم.

هنا في قوله: "قال بعض النحاة: الاستكان مشتقٌ من السكون" استكان هذا الفعل الماضي، والاستكان هو المصدر، واعتبار المصدر في أصل المادة أولى من الفعل، كما هي طريقة البصريين.

"الاستكان مشتقٌ من السكون، ووزنه افتعلوا" استكنوا، يعني هكذا في الأصل افتعلوا، يعني استكنوا "مطلت" يعني مدت، "فتحة الكاف، فحدث عن مطلها ألف؛ وذلك كالإشباع" يعني أصلها استكنوا.

"وقوله تعالى: فَمَا وَهَنُوا وما بعده تعريض لما صدر من بعض الناس يوم أحد وَثَبِّتْ أَقْدامَنا أي: في الحرب ثَوابَ الدُّنْيا النصر، وثَوابِ الْآخِرَةِ الجنة".

آتاهم الله ثواب الدنيا: النصر، والغنيمة، والتمكين في الأرض، والاستخلاف، إلى غير ذلك.

  1. ارتشاف الضرب من لسان العرب لأبي حيان الأندلسي (2/789).
  2.  السبعة في القراءات (ص:216).
  3.  حجة القراءات (ص:175).
  4.  السبعة في القراءات (ص:216).
  5.  تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (6/111).
  6. تفسير القاسمي = محاسن التأويل (2/424).
  7.  المصدر السابق.
  8.  الدر المصون في علوم الكتاب المكنون (3/431).
  9.  المصدر السابق.
  10. تفسير السمعاني (1/363) وتفسير ابن كثير ت سلامة (2/131).
  11.  تفسير ابن كثير ت سلامة (2/131).
  12.  المصدر السابق.
  13.  المصدر السابق).
  14.  تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (6/119).
  15.  تفسير ابن أبي حاتم - محققا (3/782).
  16.  الفروق اللغوية للعسكري (ص:24).
  17.  مقدمة في أصول التفسير لابن تيمية (ص:17).
  18.  البيتان منسوبتان لابن ميادة في عيون الأخبار (4/138) ونسبتا لغيره.