"الرُّعْبَ [آل عمران:151] قيل: ألقى الله الرعب في قلوب المشركين بأحد، فرجعوا إلى مكة من غير سبب، وقيل: لما كانوا ببعض الطريق هموا بالرجوع ليستأصلوا المسلمين، فألقى الله الرعب في قلوبهم، فأمسكوا، والآية تتناول جميع الكفار - وفي النسخة الخطية: والآية بعد تتناول جميع الكفار - لقوله ﷺ: نصرت بالرعب".
"والآية بعد" يعني بعد ذلك، هذه يمكن أن تضاف، ويمكن أن يستقيم المعنى بدونها.
الرعب: هو الخوف الذي يملأ الصدر، والقلب، والخوف مراتب كالمحبة: الخوف، والهلع، والفزع، والرعب، ونحو ذلك، فهذه مرتبة من أعلى مراتب الخوف، فالخوف الذي يملأ الصدر، والقلب، يقال له: رعب.
يقول: "قيل: ألقى الله الرعب في قلوب المشركين بأُحُد، فرجعوا إلى مكة من غير سبب" يعني انتصروا، ثم انطلقوا إلى مكة، ولم يغيروا على المدينة، مع أنهم كانوا منتصرين، فرجعوا من غير سبب؛ لأن الله ألقى في قلوبهم الرعب.
"وقيل: لما كانوا ببعض الطريق هموا بالرجوع ليستأصلوا المسلمين، فألقى الله الرعب في قلوبهم، فأمسكوا" يعني: كما جاء في بعض الروايات - وقد لا تخلو من ضعف: أنهم في الطريق وقع بينهم مقاولة، وكلام، قالوا: ما أردفتم الكواعب، وما قتلتم محمدًا فما صنعتم شيئًا، فهموا بالرجوع إلى المدينة، والإغارة عليها، فألقى الله في قلوبهم الرعب، على تفاصيل سيأتي ذكرها الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ [آل عمران:173].
يقول: "والآية تتناول جميع الكفار" لأنها عامة، والعبرة بعموم اللفظ، والمعنى سَنُلْقِي [آل عمران:151] وهذا، وعد من الله فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ [آل عمران:151] فذكر هذا اللفظ كَفَرُوا دل على أن الكفر هو سبب الرعب الذي يملأ القلوب، فكفرهم هو سبب الرعب الذي يملأ نفوسهم، والنبي ﷺ يقول: نُصرت بالرعب مسيرة شهر والشاطبي - رحمه الله - يقول: بأن ذلك للنبي ﷺ ولأتباعه من بعده، على قدر اتباعهم له وانظر حال الأمة اليوم، على ضعفها، وتفرقها، وحال يرثى لها، ومع ذلك لا زال الأعداء يعيشون في خوف، يخافون من كل شيء، وهذا ظاهر يشاهده كل أعمى، فضلًا عن البصراء.