الخميس 10 / ذو القعدة / 1446 - 08 / مايو 2025
وَمَآ أَصَٰبَكُمْ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ ٱللَّهِ وَلِيَعْلَمَ ٱلْمُؤْمِنِينَ

المصباح المنير التسهيل في علوم التنزيل لابن جزي
مرات الإستماع: 0

"ثم قال تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللّهِ [سورة آل عمران:166] أي: فراركم بين يدي عدوكم، وقتلهم لجماعة منكم، وجراحتهم لآخرين كان بقضاء الله، وقدره، وله الحكمة في ذلك".

الإذن في قوله تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللّهِ [سورة آل عمران:166] هو الإذن الكوني القدري قطعاً؛ لأن الله لا يحب الكافرين، ولا يحب ظهورهم على أهل الإيمان، وإنما لحكمة قد يديل الكفار على المسلمين، وينزل بالمسلمين ما ينزل من المكاره، والمصائب، وغلبة العدو وما أشبه ذلك، فهذه إرادة كونية لا تقتضي المحبة، وإنما التي تقتضي المحبة هي الإرادة الشرعية، فقوله: فَبِإِذْنِ اللّهِ يعني كوناً وقدراً حيث خلى بينكم وبين عدوكم فغُلبتم؛ لأنه لا يقع في حكم الله إلا ما يريد، ولو شاء لم يحصل ذلك.
"وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ [سورة آل عمران:166] أي الذين صبروا، وثبتوا، ولم يتزلزلوا".

المقصود بعلم الله في نظائر هذا هو علم تحقق الوقوع الذي يبنى عليه الجزاء، فالله يعلم المؤمنين من المنافقين ليجازي كلاً بعمله.

مرات الإستماع: 0

"يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ [آل عمران:166] أي: جمع المسلمين، والمشركين يوم أحد وَقِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا [آل عمران:167] الآية، كان رأي عبد الله بن أبي بن سلول: ألا يخرج المسلمون إلى المشركين، فلما طلب الخروج قومٌ من المسلمين، فخرج رسول الله ﷺ غضب عبد الله، وقال: أطاعهم، وعصانا، فرجع، ورجع معه ثلاثمائة رجل، فمشى في أثرهم عبد الله بن عمرو بن حزام الأنصاري [وفي جميع النسخ: ابن حرامٍ الأنصاري]."

الصواب: ابن حرام، وهو والد جابر  واستُشهد في هذه الغزوة.

"وقال لهم: ارجعوا، قاتلوا في سبيل الله، أو ادفعوا، فقال له عبد الله بن أُبيّ: ما أرى أن يكون قتالٌ، ولو علمنا أنه يكون قتالٌ لكنا معكم أَوِ ادْفَعُوا [آل عمران:167] أي: كثّروا السواد، وإن لم تقاتلوا".

"أي: كثّروا السواد، وإن لم تقاتلوا" هذا قول، وقال به بعض السلف، مروي عن ابن عباس، وعِكرمة، وسعيد بن جُبير، والضحّاك، وأبي صالح، والحسن، والسُدّي[1] فأكثر السلف قالوا بها.

وجاء عن بعضهم كالحسن بن صالح: أَوِ ادْفَعُوا يعني بالدعاء[2] وهذا بعيد، كيف يخرج ثلث الجيش من أجل الدعاء؟ يدعون في بيوتهم، فليس هذا هو المقصود.

وقال بعضهم هو بمعنى: رابطوا[3].

وعلى كل حال مُباشرة القتال، والدفع يمكن أن يكون بمعنى اتخاذ مواقف دفاعية، وتحصين ظهور المسلمين، والاحتراز لهم، ودفع من أراد بهم غِرَّة، والحراسة، ونحو هذا مما يُحتاج إليه - والله أعلم -. 

  1. تفسير ابن كثير ت سلامة (2/160).
  2. المصدر السابق.
  3. المصدر السابق.