وروى ابن جرير عن أبي الدرداء أنه كان يقول: "ما من مؤمن إلا والموت خير له، وما من كافر إلا والموت خير له، ومن لم يصدقني فإن الله يقول: وَمَا عِندَ اللّهِ خَيْرٌ لِّلأَبْرَارِ [سورة آل عمران:198] ويقول: وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمًا وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ [سورة آل عمران:178][1]".
قول أبي الدرداء هذا يخالفه حديث النبي - عليه الصلاة والسلام - لما سئل عن خير الناس فقال: من طال عمره، وحسن عمله[2]، وقوله أيضاً: لا يتمنين أحدكم الموت إما محسناً فلعله أن يزداد خيراً، وإما مسيئاً فلعله أن يستعتب[3] أي لعله أن يتوب، ويراجع، أما إن مات ولم يتب بعد طول العمر فلا شك أن هذا أكثر لذنوبه، وجرائمه، وأشد لحسابه.
وفي قوله: وَمَا عِندَ اللّهِ خَيْرٌ لِّلأَبْرَارِ [سورة آل عمران:198] هذا جاء موضحاً في كتاب الله في آيات كثيرة كقوله: إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ [سورة المطففين:22] وكقوله: إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا [سورة الإنسان:5] إلى غير ذلك من الآيات الدالة على نعيمهم، وما أعطاهم الله ، وحباهم به.
وقوله: نُزُلاً مِّنْ عِندِ اللّهِ [سورة آل عمران:198] يقال فيه كما قيل في قوله: ثَوَابًا مِّن عِندِ اللّهِ [سورة آل عمران:195] أي أن النُّزل مصدر مؤكد، والنزل في الأصل هو المكان المهيأ المعدُّ للضيف.
- تفسير الطبري (ج 7 / ص 496).
- أخرجه الترمذي في كتاب الزهد - باب ما جاء في طول العمر للمؤمن (2329) (ج 4 / ص 565) وأحمد (17716) (ج 4 / ص 188) وصححه الألباني في صحيح الترمذي برقم (2329).
- أخرجه البخاري في كتاب المرضى - باب نهي تمني المريض الموت (5349) (ج 5 / ص 2147).