الجمعة 04 / ذو القعدة / 1446 - 02 / مايو 2025
وَرَسُولًا إِلَىٰ بَنِىٓ إِسْرَٰٓءِيلَ أَنِّى قَدْ جِئْتُكُم بِـَٔايَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ ۖ أَنِّىٓ أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ ٱلطِّينِ كَهَيْـَٔةِ ٱلطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًۢا بِإِذْنِ ٱللَّهِ ۖ وَأُبْرِئُ ٱلْأَكْمَهَ وَٱلْأَبْرَصَ وَأُحْىِ ٱلْمَوْتَىٰ بِإِذْنِ ٱللَّهِ ۖ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِى بُيُوتِكُمْ ۚ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَءَايَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ

المصباح المنير التسهيل في علوم التنزيل لابن جزي
مرات الإستماع: 0

وقوله: وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ [سورة آل عمران:49] أي: يجعله رسولاً إلى بني إسرائيل قائلاً لهم: أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم [سورة آل عمران:49]".

هذا الذي ذكره ابن كثير جيد، وهو أقرب هذه الأقوال، وليس فيه تعسف، ولا تكلف في التقديرات، ونحو ذلك، ومعلوم أنه إذا كان الكلام يقتضي تقديراً فإنه يقدر ما هو أبعد عن التكلف، وأقرب إلى بلاغة القرآن، وفصاحته، وظاهر السياق، فكلام ابن كثير هذا كلام قريب، ولا تعرف قدره إلا إذا نظرت في كلام المفسرين فيما يقدرونه هنا، فهو يقول هنا: وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ [سورة آل عمران:49] أي: يعلمه الكتاب، والحكمة، ويجعله رسولاً إلى بني إسرائيل، وهذا الذي قال به أيضاً ابن جرير - رحمه الله -.
وغيرهم يقول غير هذا، لكن لا يخلو من تكلف؛ إذ يقول بعضهم:، ويعلمه الكتاب، والحكمة، ويكلمهم رسولاً إلى بني إسرائيل، هذا فيه بعد، ولا يناسب السياق.
وبعضهم يقول: ويعلمه الكتاب، والحكمة، وأرسلتُ رسولاً إلى بني إسرائيل، وهذا أيضاً غير متلائم كما في تقدير: ويجعله رسولاً إلى بني إسرائيل، وبعضهم يقول: هو معطوف على وجيهاً أي وجيهاً، ورسولاً.
والأقرب أن التقدير، ويجعله رسولاً إلى بني إسرائيل قائلاً لهم: أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم [سورة آل عمران:49].
وقوله: أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم جاءت "أن" فيها منصوبة مع أنها جملة القول، والسبب في ذلك أنها متضمنة معنى القول، وليست جملة القول الصريح التي تكسر فيها همزة إنَّ في نحو قوله تعالى: قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ [سورة مريم:30] أي أنه لما كان ذلك متضمناً معنى القول غير الصريح فتحت الهمزة.
"قائلاً لهم: أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللّهِ.. الآية [سورة آل عمران:49]".

قوله: أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ يفسرها قوله: أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللّهِ.. الآية [سورة آل عمران:49].
"وكذلك كان يفعل، يصور من الطين شكل طير، ثم ينفخ فيه فيطير عياناً بإذن الله الذي جعل هذا معجزة له تدل على أن الله أرسله".

هناك كلام كثير يذكر هنا لا حاجة إليه مثل: ما نوع هذه الطير، وهل كان يخلق أشياء أخرى بإذن الله غير الطير، ولماذا خصص هذه الأشياء المذكورة؟ فهذا الكلام كله لا حاجة إليه، ولا فائدة من الاشتغال به.
"وَأُبْرِئُ الأكْمَهَ [سورة آل عمران:49] هو الذي يولد أعمى، وهذا المعنى أبلغ في المعجزة، وأقوى في التحدي، والأَبْرَصَ معروف، وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ [سورة آل عمران:49]".

بعض أهل العلم يقول: هذه أصلاً الناس يعجزون عنها، ولا يعرفون لها علاجاً فلذلك ذُكرت، وإلا فإن الله  كان يشفي على يده ألوان العلل، لكن ذكرت هذه لأن الطب يقف أمامها عاجزاً في وقت قد انتشر، وفشا في زمانه - عليه الصلاة، والسلام -.
"قال كثير من العلماء: بعث الله كل نبي من الأنبياء بمعجزة تناسب أهل زمانه، فكان الغالب على زمان موسى السحر، وتعظيم السحرة، فبعثه الله بمعجزة بهرت الأبصار، وحيرت كل سحَّار، فلما استيقنوا أنها من عند العظيم الجبار انقادوا للإسلام، وصاروا من الأبرار، وأما عيسى فبعث في زمن الأطباء، وأصحاب علم الطبيعة، فجاءهم من الآيات بما لا سبيل لأحد إليه إلا أن يكون مؤيداً من الذي شرع الشريعة، فمن أين للطبيب قدرة على إحياء الجماد، أو على مداواة الأكمه، والأبرص، وبعْث من هو في قبره رهين إلى يوم التناد؟
وكذلك محمد بعثه في زمان الفصحاء، والبلغاء، ونحارير الشعراء، فأتاهم بكتاب من الله لو اجتمعت الإنس، والجن على أن يأتوا بمثله، أو بعشر سور من مثله، أو بسورة من مثله لم يستطيعوا أبداً وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا [سورة الإسراء:88]، وما ذاك إلا لأن كلام الرب لا يشبهه كلام الخلق أبداً.
 وقوله: وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ [سورة آل عمران:49] أي: أخبركم بما أكل أحدكم الآن، وما هو مدخر في بيته لغده".

هذا من الغيب النسبي، وليس من الغيب مطلقاً؛ لأن هذا الشخص الذي أُخبر هو يعلم ماذا أكل، وماذا ادَّخر، بخلاف الإخبار عما في غدٍ مما يُطلع الله عليه أنبياءه، لكن هذا يخبره فيقول: أكلت كذا، وادخرت كذا، فيكون آية لهم في أمر قد عرفوه.
"وما هو مدخر في بيته لغده، إِنَّ فِي ذَلِكَ أي: في ذلك كله لآيَةً لَّكُمْ أي: على صدقي فيما جئتكم به إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ [سورة آل عمران:49].

مرات الإستماع: 0

"وَرَسُولًا حالٌ معطوفٌ على وَيُعَلِّمُهُ إذ التقدير: ومعلمًا الكتاب، أو يُضمر له فعلٌ تقديره".

يعني حال كونه رسولًا.

"أو يُضمر له فعلٌ تقديره: أُرسل رسولًا، أو جاء رسولاً".

"أو جاء رسولًا" وذكر ابن جرير، وابن كثير - رحمهم الله -: ويجعله رسولاً[1] يكون العامل فيه مُقدر: ويجعله رسولاً، أو ويكلمهم رسولًا، أو أرسلت رسولًا إلى بني إسرائيل، وبعضهم يقول: معطوف على وَجِيهًا فيكون حالًا، لكن ما ذكره ابن جرير، وابن كثير أحسن من هذه التقديرات المذكورة - والله أعلم -.

"إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أي: أُرسل إليهم عيسى  - عليه الصلاة، والسلام - مبينًا لحكم التوراة.

أَنِّ تقديره بأنَّي أَنِّي أَخْلُقُ بفتح الهمزة بدلٌ. . . ".

تقديره بأنَّي" أي: أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ هذه في قراءةٍ (إنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ) بكسر (إِنِّي)  وهذا على إضمار القول، أي فقلت: إِنِّي؛ لأن الكسر يكون بعد القول، أو على الاستئناف (إنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ) بدون تقدير، أو على التفسير، فسَّر بهذه الجملة قوله: جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ كأنَّ قائلًا قال: ما الآية؟ فقال: (إنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ) فكسر (إنِّي) هذه قراءة نافع، وقراءة الجمهور بالفتح أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ[2] على أنها بدل من قوله: جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ والمعنى: بأَنَّي أخلق لكم، وبعضهم يقول: هو خبر مبتدأ مضمر تقديره: هي (أنَّي) أخلق - والله أعلم -.

"أَخْلُقُ - وفي النسخة الخطية: أَنِّي أَخْلُقُ بفتح الهمزة - بدلٌ من أَنِّي الأولى - وفي النسخة الخطية: الأول - أو من آيةٍ، وبكسرها ابتداء كلام."

فَأَنفُخُ فِيهِ ذكر هنا الضمير؛ لأنه يعود على الطير - وفي النسخة الخطية: على الطين".

نشير إلى: أنه في نسخة أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ يصح أن يكون أنفخ في هذا الطين، أو في الطير، وكأن الطير أولى؛ لأنه هو المذكور آخرًا؛ لأنه يعود على الطير.

"لأنه يعود على الطير، أو على الكاف من كَهَيْئَةِ وأنَّثَ في المائدة؛ لأنه يعودُ على الهيئة".

الكاف من كَهَيْئَةِ اللفظة "هيئة" مؤنثة "فَأَنفُخُ فِيهِ ذكر هنا الضمير؛ لأنه يعود على الطير، أو على الكاف من كَهَيْئَةِ" والكاف للتشبيه، "وأنَّث في المائدة فَتَنفُخُ فِيهَا [المائدة:110]؛ لأنه يعود على الهيئة.

"فَيَكُونُ طَائرًا قيل: إنه لم يخلق غير الخفاش، وقُرئ طَيْرًا بياءٍ ساكنة على الجمع، وبالألف - وفي النسخة الخطية: وبألفٍ، وهمزة - على الإفراد".

قراءة الجمهور طَيْرًا يعني طيرًا كثيراً، بياءٍ ساكنة على الجمع فَيَكُونُ طَيْرًا والقراءة الأخرى هذه: فَيَكُونُ طَائرًا[3] فهذه هي التي ذكرها المؤلف - رحمه الله - وكما ذكرنا سابقًا في أول الكتاب بأنه على قراءة نافع.

وهناك قراءة: كَهَيْئَةِ الطَّائرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَائرًا يعني طائراً في الموضعين، يعني أنه كان يخلق واحدًا، ثم واحدًا، مفرد، وهذه قرأ بها أبو جعفر[4].

وقراءة نافع: كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَائرًا يعني الأولى، كقراءة الجمهور: كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَائرًا يعني يقدر كهيئة الطير، فتكون الهيئة طائرًا، أي كل هيئةٍ تُقدِّرها تكون، واحدًا من الطير، وعلى قراءة الجمهور: يُقدر كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ طيور فَيَكُونُ طَيْرًا يعني طيورًا.

في قوله هنا: "أنه لم يخلق غير الخفاش" باعتبار هذا جاء عن ابن جريج - رحمه الله -: أن عيسى - عليه الصلاة، السلام - سأل الناس - فقال لهم: أي الطير أشدُ خلقاً؟ فقالوا: الخفاش، إنما هو لحم، ففعل[5] لكن كما ترون هو عن ابن جُريج، وهذا من أخبار بني إسرائيل فيما يظهر، يعني لماذا قال القائل: إنه الخفاش؟ لهذا السبب - لو صحَّ - أنه سألهم أي الطير أشد في الآية؟ وفي صعوبة الخلق؟ فقالوا: الخفاش؛ لأنه لحم، ومع ذلك يتحرك، ويطير، كأنه لحمة تطير، فخلق هذا؛ ليكون أدل على الآية، باعتبار أن الآية فيه أظهر، لكن ليس على هذا دليل - والله أعلم -. 

"ذكر بِإِذْنِ اللَّهِ - في النسخة الخطية، وكرر بِإِذْنِ اللَّهِ - رفعًا لمن توهم في عيسى الربوبية". 

بِإِذْنِ اللَّهِ هذه في المحترزات "رفعًا لوهم من توهم في عيسى الربوبية" احتاج إلى ذكر هذا، وقلنا: المحترزات تكون في كل موضع بحسبه.

"وَأُبْرِئُ روي أنه كان يجتمع إليه جماعةٌ من العميان، والبرصاء - وفي النسخة الخطية: والبرصى - فيدعو لهم، فيبرئون.

وَأُحْيِ الْمَوْتَى روي أنه كان يضربُ بعصاه الميت، أو القبر، فيقومُ الميت، ويكلمه، وروي أنه أحيا سام بن نوح".

هذا الله أعلم به.

"وَأُنَبِّئُكُمْ كان يقول: يا فلان أكلتَ كذا، وادخرت في بيتك كذا.

وَمُصَدِّقًا عطفٌ على رَسُولًا أو على موضع بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ؛ لأنه في موضع الحال، وهو أحسن؛ لأنه كان من جملةِ كلام عيسى، فالتقديرُ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وجئتكم مصدقا". 

أو حال كونه مصدقاً.

"وَلِأُحِلَّ لَكُمْ عطفٌ على بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وكان قد حُرِّم عليهم الشحم، ولحم الإبل، وأشياء من الحيتان، والطير، فأحل لهم عيسى بعض ذلك.

إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ ردٌ على من نسب الربوبية لعيسى، وانتهى كلامُ عيسى إلى قوله: صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ وابتدائه من قوله: أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ وكل ذلك يحتمل أن يكون مما ذكرت الملائكة لمريم، حكايةً عن عيسى أنه سيقوله، ويحتمل أن يكون خطابُ مريم قد انقطع، ثم استُأنف الكلام من قوله: وَرَسُولًا على تقديرِ: جاء عيسى رسولًا بـأَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ثم استمر كلامه إلى آخره".

هذا يحتمل، وهذا الذي سبق: بأن ذلك يكون من قبيل الموصول لفظًا، المفصول معنى، فلما بُشرت مريم بالكلمة، وهو المسيح  - عليه الصلاة، والسلام - وذكر الله - تبارك، وتعالى - ما أعطاه، وأولاه إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ [آل عمران:45] هذا كله من كلام الملائكة وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ [آل عمران:46] انتهى كلام الملائكة قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ فعُبر هنا بالولد، وفي زكريا غلام؛ فهنا لأن الولادة آية من غيرِ أب، فعُبر بالولد قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ۝ وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ ۝ وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ [آل عمران:47 - 49] هنا انتهى الكلام، وما بعده كلام عيسى - عليه الصلاة، السلام - أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ وهذا الكلام الذي كان يتحدث عنه قبل قليل ابن جُزي أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ [آل عمران:49] فهذا كلام عيسى إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ [آل عمران:51] فهنا يقول: "وانتهى كلام عيسى إلى قوله: صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ وابتدائه من قوله: أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ "وكل ذلك يحتمل أن يكون مما ذكرت الملائكة لمريم حكايةً عن عيسى" يعني كلام الملائكة لا زال، يقولون: إن عيسى سيقول ذلك، يخاطبهم به، وهذا في حال كهولته وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا "ويحتمل أن يكون خطاب مريم قد انقطع - يعني خطاب الملائكة لها - ثم استُأنف الكلام من قوله: وَرَسُولًا على تقديرِ: جاء عيسى رسولًا بـأَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ثم استمر كلامه إلى آخره".

  1. تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (5/418) وتفسير ابن كثير ت سلامة (2/44).
  2. الإعراب المحيط من تفسير البحر المحيط (3/61).
  3. معاني القراءات للأزهري (1/257) وحجة القراءات (ص:164).
  4. إعراب القرآن للنحاس (1/160) والنشر في القراءات العشر (2/240).
  5. تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (5/420).