قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ خَالِدِينَ فِيهَا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [سورة لقمان:8-9].
هذا ذكر مآل الأبرار من السعداء في الدار الآخرة، الذين آمنوا بالله وصَدّقوا المرسلين، وعملوا الأعمال الصالحة المتابعة لشريعة الله لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ أي: يتنعمون فيها بأنواع الملاذ والمسارّ، من المآكل والمشارب، والملابس والمساكن، والمراكب والنساء، والنضرة والسماع، الذي لم يخطر ببال أحد، وهم في ذلك مقيمون دائماً فيها، لا يظعنون، ولا يبغون عنها حولاً.
هذا التفسير، كما قلت لكم مراراً: إننا نمر أحياناً على عبارات للحافظ ابن كثير لا نتفطن لدقتها، يعني بعض أهل العلم حينما يفسر قوله: لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ، يقول: المقصود نعيم الجنات، باعتبار أن الجنة في الأصل تقال للبستان، الشجر الكثير وما إلى ذلك، نعيم الجنات، لكن حينما يقال: جَنَّاتُ النَّعِيمِ، فالحافظ ابن كثير هنا لا يقصر ذلك على الثمار ونحو ذلك من المأكولات، وإنما المساكن واللباس والحور العين، وما إلى ذلك.
وقوله: "لا يظعنون"، يعني: لا ينتقلون، ما ينتقل مثل الناس، ينتقل من مكان الجدب إلى مكان الخصب في الدنيا، أو ينتقل من بلد إلى بلد، أو يسكن في دار عشر سنوات، أو أقل أو أكثر ثم يمل هذه الدار، ثم يطلب غيرها، فيسكن في العمر دوراً متعددة، هناك نعيم متجدد لا يحول ولا يزول ولا يتحولون عن هذا.