الأحد 18 / ذو الحجة / 1446 - 15 / يونيو 2025
إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِـَٔايَٰتِنَا ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا۟ بِهَا خَرُّوا۟ سُجَّدًا وَسَبَّحُوا۟ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ۩

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ ۝ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ۝ فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [سورة السجدة:15-17].

يقول تعالى: إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا أي: إنما يصدق بها الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّداً أي: استمعوا لها وأطاعوها قولاً وفعلاً.

قال: الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا يعني: استمعوا لها، إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّداً استمعوا لها وأطاعوها قولاً وفعلاً، يعني كأنه فسر السجود هنا بمعنى السجود الحقيقي وضع الجبهة على الأرض، أو الخضوع والانقياد قولاً وفعلاً؟ الخضوع والانقياد قولاً وفعلاً.

قال: أي استمعوا لها وأطاعوها قولاً وفعلاً، فالسجود بعضهم يفسره بهذا في بعض المواضع، تجدون ذلك عند قوله - تبارك وتعالى -: وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ [سورة النحل:49]، والسجود في تلك المواضع سجود حقيقي ولكن سجود كل شيء بحسبه، لكن قوله - تبارك وتعالى - هنا: خَرُّوا سُجَّداً، الذي يظهر -والله تعالى أعلم- أن المقصود به وضع الجبهة على الأرض، ويدل عليه قوله: خَرُّوا سُجَّداً، يعني: سجداً لوجوههم، وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ يعني: وسبحوا الله في سجودهم بحمده؛ ولهذا نقول في السجود: سبحان ربي الأعلى، يعني وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ نقول: سبحان ربي الأعلى وبحمده، يعني حامدين الله ومنزهين له، فالتسبيح هو التنزيه، ويقرنون معه التحميد، سبَّحوا الله وحمدوه، فيكون هذا هو المعنى، وهو الذي اختاره ابن جرير - رحمه الله -، خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ يعني: في السجود.

 وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ قال: أي عن اتباعها والانقياد لها، كما يفعله الجهلة من الكفرة الفجرة، قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ [سورة غافر:60].

يعني الآن الكلام الذي ذكره الحافظ ابن كثير يعني ما حاصله الانقياد والاستجابة، هكذا فسر السجود، ولا يقال: إن هذا من قبيل الخطأ في التفسير، إذا رجح القول الآخر، وإنما ذلك من لوازم المعنى، وأهل العلم يفسرون تارة بهذا، وتارة بهذا، وتارة ببعض ما يتضمنه اللفظ، وتارة بما يشير إليه، يعني الإشارة عند الأصوليين، دلالة الإشارة، وليست الإشارة الأخرى التي في تفاسير الصوفية.