هذا كقوله: لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ بعض أهل العلم يقف عند قوله: أَجْرَمْنَا في حق أهل الإيمان، قُلْ لا تُسْأَلُونَ يعني كأن الله يأمر نبيه ﷺ أن يقول ذلك، فلماذا أضاف إليهم الإجرام إلى أنفسهم أعني القائلين أهل الإيمان؟ وبالنسبة للكافرين العمل بعضهم فهم الإجرام يعني الإساءة فقالوا هذا في غاية الإنصاف حال الحجاج، والمناظرة كأنه يعني يتنزل معهم إلى أبعد حد أن على إجرام لنا عملنا، ونحن سنجازى عليه ولن تسألوا عن أعمالنا وأعمالكم أنتم تلطف في العبارة، وقال: أعمالكم، لكن الواقع - والله أعلم - أن أجرم وأجترم بمعنى أقترف، فهي ترجع إلى معنى العمل فهذا يقال له: اجترام، نعم وما إلى ذلك لا يلزم بالضرورة أن يكون بالمعنى بمعنى الكسب السيئ، قُل لَّا تُسْأَلُونَ فيكون هذا من باب التفنن بالخطاب والتنويع في العبارة؛ لكمال البلاغة، قُل لَّا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ يعني لا تسألون عما نعمل، لستم مسئولين عن عملنا ولسنا بمسؤلين عن أعمالكم الله سيتولى الجميع ويحاسب الجميع ودعونا وشأننا ولهذا بعضهم يقول: بأن هذه الآية منسوخة بآية السيف فبعد ما نزلت أية السيف قالوا ما فيه وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ بل نأدبكم ونأخذ على أيديكم لكن هذا فيه نظر، - والله تعالى أعلم -.