قوله - تبارك وتعالى -: قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَوَاتِ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْهُ يقول: هؤلاء الذين تعبدونهم من دون الله - تبارك وتعالى - إما أن يكونوا خالقين، أو أن يكونوا مشاركين، أو أن يكون لكم على ذلك الشرك كتابٌ، لاشك أن هؤلاء ليسوا بخالقين، ولا مشاركين، وليس عند المشركين بينة من كتاب على ما يشركون به - تبارك وتعالى -، وقوله: بَلْ إِن يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُم بَعْضًا إِلَّا غُرُورًا يدخل في هذا ما يحصل من الوعد بالنصر وما إلى ذلك فيما بينهم أنهم ينتصرون، ويظهرون، أو أن الدار الآخرة لهم، أو كما يقول اليهود: لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَةً [سورة البقرة:80]، وما أشبه هذا، وقوله - تبارك وتعالى -: إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ أَنْ تَزُولا بعض أهل العلم يقول: إن هذا مشعر بأن السماوات والأرض تكاد أن تضطرب بسبب ذنوب بني آدم، وأن الله يمسكها، وكأنهم أخذوا ذلك من قوله - تبارك وتعالى - في آخر الآية: إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا قالوا: إن السماوات والأرض تكاد أن تطبق على هؤلاء أو أن تضطرب أو تميد بهم بذنوب بني آدم وإن الله يمسكها لئلا تميد وتضطرب لكونه متصفاً بالحلم والغفر، وذكره الحافظ ابن كثير - رحمه الله - هنا بصورة أظهر، ولكن هؤلاء فيما يبدو - والله تعالى أعلم - لا يقصدون حصر التفسير في هذا، وإنما أن ذلك شيء يؤخذ من هذه الآية، ولكن لا يعارضون على الذي يذكره عامة المفسرين كما ذكر ابن كثير - رحمه الله - وكما يدل عليه القرآن كما في قوله: وَيُمْسِكُ السَّمَاء أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ [سورة الحج:65] وقوله: وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا "إنْ" هذه نافية، لما أمسكهما من أحد من بعده، يعني لا يستطيع أن يمسكهما أحد من بعده، وهذه قضية قررها الله - تبارك وتعالى -، ومن ثَمّ فلا يمكن للسماوات والأرض أن تضطرب قبل يوم القيامة، ومن ثَمّ ما يذكره أهل الفلك حيناً بعد حين من أن كوكباً يتجه إلى الأرض أو أنه سيصطدم بها أو قد يصطدم بها أو نحو ذلك هذا كله كلام لا قيمة له، ولا حقيقة له إطلاقاً، وهكذا ما يذكرون - إن صح ذلك وصدقوا فيه - من ثقب الأوزون وما أشبه ذلك، وأن الحياة على وجه الأرض محددة وكل هذا الكلام إن سلم من مقاصد فاسدة لهم فلا يمكن أن تنتهي الحياة على وجه الأرض أبداً قبل يوم القيامة، لكن هؤلاء لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يعرفون هذه الحقائق ومن ثم فهم يضطربون هذا الاضطراب ويتخرصون هذه التخرصات، ويصدقهم بعض المسلمين.