لم يذكر الله - تبارك وتعالى - لهم آية خارقة بمعنى المعجزة، وقد مضى الكلام على هذا في قصة هود ﷺ لما قال له قومه: مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ [هود:53]، وكلام أهل العلم في ما جاء به هود - عليه الصلاة والسلام -، وما قاله لقومه: فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ [هود:55]، وأنه تحداهم، فبعضهم يقول: هذه معجزته، وهذا غير صحيح، وليس من الأمور الخارقة للعادة، هذا قد يقع لغيره، ولكن عدم ذكر تلك المعجزة لا يدل على عدم وجودها، فعن أبي هريرة قال: قال النبي ﷺ: ما من الأنبياء نبي إلا أعطي ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيت وحياً أوحاه الله إليّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة[1] فآيات الأنبياء وما تقوم به الحجة على الناس لا يلزم منه وقوع خوارق العادات، وسؤالات هرقل التي سألها لأبي سفيان لم يكن فيها شيء واحد عن خوارق الآيات، ومع ذلك عرف أنه نبي، وأنه سيملك ما تحت قدميه، إلى غير ذلك من الشواهد الكثيرة التي تدل على أن آيات الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - منها ما يكون من قبيل الخوارق، ومنها ما لا يكون من قبيل الخوارق للعادات، وصِدقُ النبي يعرف بأشياء منها ما يدعو إليه، ومنها حاله قبل ذلك - قبل البعثة -، وأوصافه، ومنها ما يظهر على وجهه من أمارات الصدق، والإشراق، وما أشبه ذلك.
- أخرجه البخاري، كتاب فضائل القرآن، باب كيف نزل الوحي، وأول ما نزل (6/182)، رقم: (4981)، وأخرجه مسلم، كتاب الإيمان، باب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد ﷺ إلى جميع الناس، ونسخ الملل بملته (1/134) رقم: (152).