الإثنين 04 / محرّم / 1447 - 30 / يونيو 2025
أَوَلَمْ يَرَوْا۟ أَنَّا خَلَقْنَا لَهُم مِّمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَآ أَنْعَٰمًا فَهُمْ لَهَا مَٰلِكُونَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

"أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ ۝ وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ ۝ وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلا يَشْكُرُونَ [سورة يس:71-73].

يذكر تعالى ما أنعم به على خلقه من هذه الأنعام التي سخرها لهم فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ قال قتادة: "مطيقون" أي: جعلهم يقهرونها وهي ذليلة لهم، لا تمتنع منهم، بل لو جاء صغير إلى بعير لأناخه، ولو شاء لأقامه، وساقه، وذاك ذليل منقاد معه، وكذا لو كان القطارُ مائة بعير، أو أكثر؛ لسار الجميع بسير الصغير".

الآن هذا المعنى ظاهر هو الذي عليه عامة المفسرين سلفاً، وخلفاً، وهو اختيار كبير المفسرين ابن جرير - رحمه الله -، فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ يعني يتصرفون فيها، وتنقاد لهم، سهلة لا تستعصي عليهم يعني ليست كالوحشية ذات نفور وجفول من الناس، وإنما هي تحت تصرفهم فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ يتصرفون فيها، ويقودونها، وينتفعون بها كيف شاءوا، وقال بعضهم: فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ بمعنى أنها بجملة أملاكهم يعني أنهم يتملكون هذه في جملة ما يملكون من الزروع، والدور وما إلى ذلك، فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ يملكونها، لكن القول المشهور هو الأول وهو أدل في الامتنان، امتنان الله على الخلق كيف ذللها لهم، ولهذا قال بعدها: فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ فهذه الفاء تدل على ترتيب ما بعدها على ما قبلها، لمّا جعلها مذللة لهم أمكنهم بعد ذلك ركوبها، والانتفاع بها في الأكل وغيره.

"وقوله: فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ أي: منها ما يركبون في الأسفار، ويحملون عليه الأثقال إلى سائر الجهات، والأقطار".

يعني مركوبهم الذي يركبونه كما يقال: حلوب يعني محلوبة، ركوب يعني مركوبة فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ التي يركبونها.

"وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ إذا شاءوا نحروا، واجتزروا".