كما قص الله في سورة الأنبياء بتفصيل أكثر من هذا وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَن يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا [سورة الأنبياء:82] هذه في الأنبياء وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَلِكَ العمل الذي دون ذلك هو كل الأعمال التي يزاولونها من البناء، ولا زالت بعض الأشياء حتى في شعر العرب القديم يعني في أيام الجاهلية، وفي صدر الإسلام؛ يذكرون بعض الآثار التي لا زالت موجودة في أطراف الشام، وفي الأردن، وفي تدمر ونحو ذلك، يقولون: الشائع عند العرب أن هذا مما صنع الجن لسليمان - عليه الصلاة والسلام -، أي أمور عجيبة قد لا يتوصل إليها البشر، ولا يطيقونها، ولا تزال توجد بعض الآبار المنحوتة نحتاً دقيقاً في الصخر يعني كأنها نحتت بآلات دقيقة، ملساء في قلب الصخر، فلا زالت موجودة إلى اليوم، يزعمون أن ذلك مما حفرته الجن لسليمان - عليه الصلاة والسلام -، وهذه أمور الله أعلم بها، ونحن أخبرنا القرآن أن ثمّة ممالك ممكَّنة، وأمم قوية جداً، وأن الله قد أعطاهم من أسباب القوة، والتمكين، وأنهم أثاروا الأرض، وعمروها، فقد يكون عندهم من الوسائل، والآلات، ونقوش هؤلاء - مُلك غير مُلك سليمان عليه الصلاة والسلام - تدل على دقتهم، ينقشون على الحجر نقوشاً في غاية الدقة، يرسمون فيها، ويصورون صور الطير وغير ذلك بشيء قد تعجز عنه الآلات، وهذه أيضاً الأهرام وما إلى ذلك من الأصنام الموجودة، والمنحوتة بأحجام ضخمة جداً تدل على أمم ممكنة قوية، قد يكون عندهم من أسباب التمكين المادي ما لم يوجد في عصرنا هذا، ولكن الإنسان لا يعرف إلا عصره، ويظن أن هذا هو نهاية المطاف في القوة، والتمكين، وما ذلك إلا لعجز الإنسان، وضعفه، وقصر نظره.