الإثنين 29 / شوّال / 1446 - 28 / أبريل 2025
وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ ٱلْمُصْطَفَيْنَ ٱلْأَخْيَارِ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

قال المؤلف - رحمه الله -: وقوله تعالى: وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الأخْيَارِ أي: لمن المختارين المجتبين الأخيار فهم أخيار مختارون".

يعني هنا لمن المجتبين الْمُصْطَفَيْنَ الأخْيَارِ، مضى معنا الكلام على أولي العزم من الرسل، وأن الجمهور يقولون: هم الخمسة، ويجمعون بين الآيتين في قوله: فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ [سورة الأحقاف:35]، مع قوله: وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى [سورة الأحزاب:7] هؤلاء الخمسة - عليهم الصلاة والسلام -، فالآيتان ليس بينهما ارتباط، هذه في مقام الإيحاء، وتلك أمر من الله - تبارك وتعالى - لنبيه ﷺ بالصبر العظيم مقتدياً بذلك بأولي العزم من الرسل، ولم يسمهم، فكثير من أهل العلم يقولون: هم الخمسة الذين ذُكروا في قوله: وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، وبعضهم يزيد على هؤلاء فيذكر أنبياء آخرين، لا يقتصر على الخمسة، وبعضهم يقول: كل الرسل - عليهم الصلاة والسلام - هم من أولي العزم، وبعضهم يقول: المقصود بأولي العزم من الرسل هم أصحاب العزائم العظيمة من غير تحديد، مَن عُرفوا، وتميزوا، واشتهروا بالعزائم الكبيرة، والصبر العظيم على الأذى في سبيل تبليغ دين الله - تبارك وتعالى -، فلاحِظْ هؤلاء الرسل الذين ذكرهم الله هنا بعدما ذكر داود وسليمان - عليهما الصلاة والسلام -، وأيوب ﷺ قال: وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الأيْدِي وَالأبْصَارِ ۝ إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ ۝ وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الأخْيَارِ، ولما ذكر يوسف ﷺ، وذكر خبره، وما وقع له مع امرأة العزيز قال: إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ [سورة يوسف:24] على هذه القراءة، فأخلَصَهُم: اجتباهم، واصطفاهم من بين سائر الناس، فهذا كله يمكن أن يقال معه - والله تعالى أعلم -: إن أولي العزم من الرسل لا يحصرون بخمسة، ولا شك أن هؤلاء الخمسة - عليهم الصلاة والسلام - هم من أجلِّهم، وأعظمهم، وأشرفهم، ولكن أولو العزم لا يحصرون بهؤلاء الخمسة؛ لأنه لا دليل على هذا الحصر، وأن الآيتين الأولى في الإيحاء، والثانية في الأمر بالصبر من غير تخصيص لأحد من الرسل باسمه - والله أعلم -.