المراد بالملأ علية القوم، الكبراء، وقيل لهم ذلك؛ لأنهم يتمالئون على الأمر، أو لأنهم يملئون صدور المجالس، أو غير ذلك مما قيل، الملأ.
قوله: امْشُوا استمروا على دينكم، وهو معنى قول من قال كابن جرير - رحمه الله -: امْشُوا أي بمعنى امضوا على دينكم، اصبروا على دينكم، امضوا فاصبروا على دينكم.
وبعضهم يقول: أَنِ امْشُوا يعني المشي المقصود به للنبي ﷺ لما اجتمعوا إليه يطالبونه عند عمه أبي طالب مثلاً بأن يدع دينه، أو يدع سب آلهتهم، ولا يتعرض لدينهم، أو حينما انطلقوا منه لما دعاهم إلى التوحيد في ذلك المجلس؛ قاموا، وانطلقوا، ونفروا مما قال، قالوا: أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ، فبعضهم فهم منه أن المقصود المشي المعروف، والمضي، ولكن الحافظ ابن كثير قال: أي استمروا على دينكم كما تقول لإنسان: امشِ على هذا المَهْيَع، والمهيع الطريق يعني أنت تقول له: استمر على هذا العمل، يعني لا تقصد حقيقة المشي، تقول: امشِ على هذا الأساس، نحن نمشي على هذا، بمعنى أَنِ امْشُوا استمروا.
"وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ ولا تستجيبوا لما يدعوكم إليه محمد من التوحيد.
وقوله تعالى: إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ".
وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ كقوله - تبارك وتعالى - عن قيل هؤلاء الكفار: أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَن صَبَرْنَا عَلَيْهَا [سورة الفرقان:41-42] فهم يتواصون بالصبر، ويذكرون أنفسهم به، الصبر على هذا الباطل.
وهذا هو المشهور - الذي ذكره ابن جرير - وإن اختلفت فيه عبارات المفسرين، ولكن هذا هو المشهور إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ يعني: يريد به الترفع، والشرف، والرئاسة عليكم، وإن قال بعض المفسرين غير ذلك إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ، لكنها أقوال بعيدة بالنسبة لهذا القول، ولا حاجة إليها.
وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي، والحديث فيه ضعف لكنه غير شديد، لكنه جاء بصيغة مختصرة فيها أن ذلك لما اجتمعوا عند أبي طالب، وذكروا له ذلك، وأجابهم - عليه الصلاة والسلام -، لكن باختصار ليس بهذا السياق، فمثل هذا يكون سبباً للنزول، لكن بهذا السياق الرواية ضعيفة.
فهذه الرواية بهذا السياق ضعيفة، لكنه جاء برواية يمكن أن تكون حسنة الإسناد بسياق أقصر من هذا، مختصرة، يعني هذه فيها رجل فيه جهالة، ولم يتابع، قال عنه الحافظ في التقريب: مقبول، يعني: حيث يتابع، ولا متابع له.
- رواه ابن جرير الطبري في تفسيره (21/150)، وأحمد في المسند، برقم (3419)، وقال محققوه: " إسناده ضعيف، عباد بن جعفر - وهو يحيى بن عمارة، جزم بذلك البخاري ويعقوب بن شيبة وابن حبان، ويقال: يحيى بن عباد - لم يروِ عنه غير الأعمش، ولم يوثقه غير ابن حبان، فهو في عداد المجاهيل، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين"، والنسائي في السنن الكبرى، برقم (11437).