الأربعاء 16 / ذو القعدة / 1446 - 14 / مايو 2025
وَمَن يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُۥ عَلَىٰ نَفْسِهِۦ ۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

"وقوله: وَمَن يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ الآية [سورة النساء:111] كقوله تعالى: وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى الآية [سورة الأنعام:164] يعني أنه لا يغني أحدٌ عن أحد، وإنما على كل نفس ما عملت لا يحمل عنها غيرها ولهذا قال تعالى: وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا [سورة النساء:111] أي: من علمه، وحكمته، وعدله، ورحمته كان ذلك".

قوله تعالى: وَمَن يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ الآية [سورة النساء:111] هي كقوله تعالى أيضاً: وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى [سورة فاطر:18]، وكقوله - تبارك وتعالى -: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا [سورة فصلت:46]
يقول تعالى: وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا [سورة النساء:112] من أهل العلم من يقول: الخطيئة والإثم معناهما واحد أو متقارب، وبعضهم يفرق بينهما وهذا هو الأقرب؛ فالخطيئة يقع فيها الإنسان بطريق العمد وبغير قصد، وأما الإثم فإنه لا يكون إلا بطريق العمد قال الله تعالى في دعاء المؤمنين: رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [سورة البقرة:286] والله قال: قد فعلت، فلا يؤاخذ الإنسان فيما أخطأ به، وهذا الفرق ذكره ابن جرير - رحمه الله -.
وبعض أهل العلم يقول: إن الخطيئة هي الصغائر، والإثم هو الكبائر.
والإثم يطلق على الذنب، ويطلق على ما ينتج عنه من المؤاخذة، فأنت تقول مثلاً: الكذب من الآثام، وتقول: من كذب فإنه يأثم، يعني يلحقه تبعة من هذا الفعل، ويطلق الإثم في غالب الاستعمال عند العرب على بعض الذنوب المعينة كالخمر كما قال القائل:
شربت الإثم حتى ضل عقلي كذاك الإثم تفعل بالعقول
يقصد ذنباً معيناً وهو الخمر.