"وقوله تعالى: يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا [سورة النساء:120] وهذا إخبار عن الواقع؛ لأن الشيطان يعد أولياءه، ويمنيهم بأنهم هم الفائزون في الدنيا والآخرة، وقد كذب وافترى في ذلك؛ ولهذا قال الله تعالى: وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا [سورة النساء:120] كما قال تعالى مخبرًا عن إبليس يوم المعاد: وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ [سورة إبراهيم:22] إلى قوله: إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [سورة إبراهيم:22]".
يقول تعالى:
يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ [سورة النساء:120] الفرق بين الوعد والتمنية أنه يعدهم الباطل، ويمنيهم المحال، فالأماني عادة تكون في الأشياء المستعبدة الوقوع، أو الأشياء التي يستحيل وقوعها أصلاً.
قوله:
وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا [سورة النساء:120] الغرور كل شيء ظاهره مستحسن، وباطنه يضر، فالشيطان يزين لهم الباطل، ويزين لهم معصية الله - تبارك وتعالى -، ويجذب نفوسهم إليه، وهو عين ما يضرهم، وفيه عطبهم، وهلاكهم.