"وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ [النساء:75] تحريض على القتال و"ما" مبتدأ، والجار، والمجرور خبر - وفي النسخة الخطية - و"ما" مبتدأ، والمجرور خبره ولَا تُقَاتِلُونَ في موضع الحال وَالْمُسْتَضْعَفِينَ هم الذين حبسهم مشركو قريش بمكة؛ ليفتنوهم عن الإسلام، وهو عطف على اسم الله، أو مفعولٌ معه".
"هو عطف على اسم الله" يعني أي: وسبيل المستضعفين وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ [النساء:75] إذا أعدناه على اسم الجلالة، يكون هكذا: وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وسبيل المستضعفين، يعني في تخليصهم، ويحتمل النصب على الاختصاص، يعني: وأخص المستضعفين، فيكون هكذا: وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وأخص المستضعفين، فجاء نصبه بهذا الاعتبار، فإنهم أعظم ما يصدق عليه أنه في سبيل الله، وهو تخليص هؤلاء المستضعفين - والله أعلم -.
وجاء في الصحيح عن ابن أبي مُليكة: أن ابن عباس - ا - تلا: إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ [النساء:98] فقال: "كنت أنا وأمي ممن عذر الله"حيث كان طفلًا، وأيضًا في الصحيح عن عبيد الله بن أبي عتبة قال: سمعت ابن عباس - ا - يقول: "كنت أنا وأمي من المستضعفين، أنا من الولدان، وأمي من النساء".
"الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا [النساء:75] هي مكة حين كانت للمشركين يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ [النساء:76] وما بعده إخبار، قُصِدَ به تقوية قلوب المسلمين، وتحريضهم على القتال الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ [النساء:77] الآية، قيل: هي في قومٍ من الصحابة، كانوا قد أُمِروا بالكف عن القتال قبل أن يفرض الجهاد، فتمنوا أن يؤمروا به، فلما أُمِروا به كرهوه، لا شكًّا في دينهم، ولكن خوفًا من الموت، وقيل: هي في المنافقين، وهو أليق في سياق الكلام".
صح عن ابن عباس - ا -: أن عبد الرحمن بن عوف وأصحابًا له أتوا النبي ﷺ بمكة، فقالوا: يا نبي الله كنا في عزٍّ ونحن مشركون، فلما آمنا صرنا أذلة، قال: إني أمرت بالعفو، فلا تقاتلوا القوم فهذا بمكة، فلما حوله الله إلى المدينة أمره بالقتال، فكفوا، فأنزل الله أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ [النساء:77] فهذا صريح في أنه سبب النزول.
يقول: "قيل: هي في قومٍ من الصحابة كانوا قد أُمِروا بالكف" هذا يدل عليه ما جاء عن ابن عباس - ا - "لا شكًّا في دينهم، لكن خوفًا من الموت".
يقول: "وقيل: هي في المنافقين، وهو أليق في سياق الكلام" لكن سبب النزول يُبين المعنى، وبعضهم يقول: هي في اليهود، لكن هذا بعيد.