الثلاثاء 20 / ذو الحجة / 1446 - 17 / يونيو 2025
وَقَالَ مُوسَىٰٓ إِنِّى عُذْتُ بِرَبِّى وَرَبِّكُم مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَّا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ ٱلْحِسَابِ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ وهذا عزم من فرعون - لعنه الله - على قتل موسى ، أي: قال لقومه: دعوني حتى أقتل لكم هذا وليدع ربه، أي: لا أبالي به، وهذا في غاية الجحد والتهجم والعناد.

وقوله - قبحه الله -: إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ يعني موسى، يخشى فرعونُ أن يُضل موسى الناس ويغير رسومهم وعاداتهم.

يعني فرعون الآن هو المصلح، والمحافظ على مصالح الناس، وعلى استقامة الأحوال، وخائف عليهم من موسى ﷺ، فرعون هو المصلح، خائف عليهم من موسى ﷺ أن يظهر في الأرض الفساد، وأن يبدل دينهم، فهكذا تقلب الحقائق، والناس يتكلمون ويتفوهون بما أرادوا ولكن الله - تبارك وتعالى - يحق الحق بكلماته، فماذا كانت النتيجة؟ من الذي هلك؟ ومن الذي ذهب كيده؟، ومن الذي كان فعلًا يفسد في الأرض، ويستضعف أهلها ويجعل هؤلاء على طوائف؟.

قال: وهذا كما يقال في المثل: صار فرعون مذكِّرًا، يعني واعظًا يشفق على الناس من موسى ، وقرأ الأكثرون: أن يبدل دينكم وأن يظهر في الأرض الفساد، وقرأ الآخرون: أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد، وقرأ بعضهم: يَظْهَرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادُ بالضم، وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُم مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَّا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ أي: لما بلغه قول فرعون: ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى قال موسى : استجرت بالله وعذت به من شره وشر أمثاله، ولهذا قال: إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُم أيها المخاطبون مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ أي: عن الحق مجرم لا يؤمن بيوم الحساب، ولهذا جاء في الحديث عن أبي موسى أن رسول الله ﷺ كان إذا خاف قومًا قال: اللهم إنا نعوذ بك من شرورهم وندرأ بك في نحورهم[1].
  1. رواه أبو داود، بلفظ: اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم، كتاب سجود القرآن، باب ما يقول الرجل إذا خاف قوما، برقم (1537)، وأحمد في مسنده، برقم (19719)، وقال محققوه: "حديث حسن"، وصححه الألباني في صحيح الجامع، برقم (4706).