الخميس 27 / جمادى الآخرة / 1447 - 18 / ديسمبر 2025
وَيَسْتَجِيبُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَيَزِيدُهُم مِّن فَضْلِهِۦ ۚ وَٱلْكَٰفِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

وقوله: وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قال السدي: يعني يستجيب لهم.

وكذا قال ابن جرير: معناه يستجيب الدعاء لهم لأنفسهم، ولأصحابهم، وإخوانهم.

وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا من المستجيب؟ الله، فيكون الَّذِينَ الاسم الموصول في محل نصب على أنه مفعول به، الله يستجيب الذين آمنوا.

هنا تأمل ما ذكر، قال: "أي يستجيب دعاءهم، يعني ليس المستجيب هم الذين آمنوا، فيكون فاعلاً، يستجيب المؤمنون لربهم - تبارك وتعالى -، لا، هنا ما مشى عليه، واختاره ابن جرير، ونسبه إلى هؤلاء من السلف أنه يكون منصوبًا، يعني "الذين آمنوا" مفعول به، يعني الله يستجيب دعاءهم، يعطيهم ما طلبوا، ما سألوا، وما إلى ذلك.

وهكذا من فسره بأنه يقبل عبادتهم، يستجيب الذين آمنوا، الله يستجيب الذين آمنوا، يعني يستجيب دعاءهم أو يقبل طاعتهم، أو يستجيب لهم، إذا فسر بالدعاء.

ويقولون مثل: وَإِذَا كَالُوهُمْ [المطففين:3] يعني: كالوا لهم: أَو وَّزَنُوهُمْ أو وزنوا لهم، قالوا: هكذا التقدير، فحذفت "اللام"، مع أن بعض أهل العلم يقول: إن الاسم الموصول "الذين" في محل رفع فاعل، يعني أن المستجيبين من هم؟

الَّذِينَ آمَنُوا يستجيبون لله - تبارك وتعالى -، وللرسول ﷺ، كما قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ [الأنفال:24].

فهنا يقول: وَيَسْتَجِيبُ يخبر عنهم أنهم أهل استجابة لِمَا دعاهم إليه وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ خبر عنهم باستجابتهم لدعاء الله لهم إلى الإيمان، وقبولهم عن الله، وما لهم من الإذعان.

ولكن الذي عليه عامة المفسرين الأول: أن الله هو المستجيب وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بقرينة أنه قال بعده: وَيَزِيدُهُم مِّن فَضْلِهِ يعني يستجيب، يقبل أعمالهم، يقبل طاعتهم، أو يقبل دعاءهم وَيَزِيدُهُم مِّن فَضْلِهِ.

وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ أي: يستجيب دعاءهم ويزيدهم فوق ذلك، وقال قتادة عن إبراهيم النخعي اللخمي في قوله تعالى: وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قال: يشفعون في إخوانهم وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ قال: يشفعون في إخوان إخوانهم.

يعني هنا في قوله عن النخعي: وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قال: يشفعون في إخوانهم، يعني أن الله يقبل شفاعتهم، هذا على المعنى الأول أيضًا.

وقوله: وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ لما ذكر المؤمنين وما لهم من الثواب الجزيل ذكر الكافرين، وما لهم عنده يوم القيامة من العذاب الشديد الموجع المؤلم، يوم معادهم وحسابهم.