وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ الشورى:25-28.
يقول تعالى ممتنًّا على عباده بقبول توبتهم إليه إذا تابوا ورجعوا إليه: إنه من كرمه وحلمه أنه يعفو ويصفح، ويستر ويغفر، كقوله: وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا [النساء:110].
وقد ثبت في صحيح مسلم - رحمة الله عليه - عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله ﷺ: للهُ أشد فرحًا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كانت راحلته بأرض فلاة فانفلتت منه، وعليها طعامه وشرابه، فأيس منها، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها، قد أيس من راحلته، فبينما هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده، فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك - أخطأ من شدة الفرح[1]، وقد ثبت أيضا في الصحيح من رواية عبد الله بن مسعود نحوه[2].
وعن الزهري في قوله: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ أن أبا هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: للهُ أشد فرحًا بتوبة عبده من أحدكم يجد ضالته في المكان الذي يخاف أن يقتله العطش فيه[3].
وقال همام بن الحارث: سئل ابن مسعود عن الرجل يفجر بالمرأة ثم يتزوجها؟ قال: لا بأس به، وقرأ: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ الآية.
وقوله: وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ أي: يقبل التوبة في المستقبل، ويعفو عن السيئات في الماضي.
وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ أي: هو عالم بجميع ما فعلتم وصنعتم وقلتم، ومع هذا يتوب على من تاب إليه.
قوله - تبارك وتعالى -: وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ في قراءة حمزة والكسائي وحفص: "تفعلون".
وفي قراءة الباقين بـ"الياء": وَيَعْلَمُ مَا يَفْعَلُونَ.
والمعنى متقارب، إما على الخطاب، وإما على الخبر، ويعلم ما تفعلون، ويعلم ما يفعلون.
- رواه مسلم، كتاب التوبة، باب في الحض على التوبة والفرح بها، رقم (2747).
- رواه مسلم، كتاب التوبة، باب في الحض على التوبة والفرح بها، رقم(2744).
- رواه ابن أبي حاتم في تفسيره، رقم (18478).