وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالأَعْلامِ إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِنَا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ [الشورى:32-35].
يقول تعالى: ومن آياته الدالة على قدرته الباهرة وسلطانه: تسخيره البحر لتجري فيه الفلك بأمره، وهي الجواري في البحر كالأعلام، أي: كالجبال، قاله مجاهد، والحسن، والسدي، والضحاك، أي: هي في البحر كالجبال في البر.
قوله: وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ الجواري جمع جارية، وهي السفن، كما هو معلوم.
فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ قال: كالجبال، وهذا الذي عليه الجمهور، والعرب تسمي الجبل علَمًا، والخنساء تقول في أخيها صخر:
| وإنّ صَخراً لَتَأتمُّ الهُداةُ بِهِ | كأنّهُ عَلَمٌ في رأسِهِ نارُ |
يعني كأنه جبل في رأسه نار، هذا هو المشهور، وهذا الذي عليه عامة المفسرين.
وذهب مجاهد إلى أن المراد بقوله: كَالْأَعْلَامِ يعني القصور.
وأصل العلَم في كلام العرب هو كل ما ارتفع على الأرض، فيقال له: علم، كل شيء مرتفع عندهم يقولون له: علم، كما يقول ذلك الخليل بن أحمد.
وعلى هذا يكون قول مجاهد: القصور، باعتبار أنها مرتفعة، لارتفاعها، ولكن تفسير ذلك بالجبال هو المتبادر، وهو الأشهر، وحمل الكلام على الظاهر المتبادر الأشهر في لغة العرب هو الأولى، كما هو معروف، وقد مضى هذا مرارًا، يعني كأنها جبال.