الأحد 25 / ذو الحجة / 1446 - 22 / يونيو 2025
إِنَّا كَاشِفُوا۟ ٱلْعَذَابِ قَلِيلًا ۚ إِنَّكُمْ عَآئِدُونَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

قال: وقوله تعالى: إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ معناه أنا لو كشفنا عنكم العذاب ورَجَعناكم إلى الدار الدنيا لعدتم إلى ما كنتم فيه من الكفر والتكذيب كقوله تعالى: وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِم مِّن ضُرٍّ لَّلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ [سورة المؤمنون:75]، وكقوله - جلت عظمته -: وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ [سورة الأنعام:28].

إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ ابن كثير هنا فسره بغير ظاهره قال: معناه أنا لو كشفنا عنكم العذاب ورجعناكم إلى الدار الدنيا لعدتم إلى ما كنتم فيه، يعني فسره بقوله: وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِم مِّن ضُرٍّ، وظاهر الآية أن هذا وعد من الله بكشف العذاب، ولا يصح العدول عنه، أمّا على قول ابن مسعود أن هذا أمر مضى فقد كشفه عنهم لما سألوا ذلك، فذهب عنهم ذلك القحط الذي كان سببًا لهذه الخيالات التي هيأت لهم مثل هذه الصورة - صورة الدخان -، لكن كأن ابن كثير - رحمه الله - لما نظر إلى أنه أمر يتصل بالساعة فإنه لا كاشف له، وبهذا يحتج من يقول بقول ابن مسعود أن هذا كيف يكشف وقد وقع وحل بهم إذا كان يوم القيامة كما يقول هذا القاص؟، لكن الآن ابن مسعود يقول: فيكشف عنهم العذاب يوم القيامة؟، يعني هو يستنكر أن القاص يقول: هذا يوم القيامة، فابن كثير كأنه نظر إلى هذا وجعل هذا على سبيل الافتراض، وأنه ليس على سبيل العِدة مع أن ظاهره أنه وعد من الله، الذين يقولون بقول ابن مسعود يحتجون بهذا على أنه أمر قد مضى وإلا فما يكون في القيامة لا يكشف، لكن يمكن أن يقال: لو فسرت بأن الدخان هو الذي سيأتي على قول ابن كثير، وأنه لا ضرورة لما قاله ابن كثير هنا من أن ذلك على سبيل الافتراض وأنه لو كشف لرجعوا، لا، أن هذا يكشف يعني الدخان الذي يحصل قرب القيامة لا يستمر إلى أن تقوم الساعة، كذلك الخسوف الذي يحصل لا يستمر، كذلك خروج الشمس من مغربها هي تطلع من مغربها في يوم واحد، والذي عليه عامة أهل العلم أنها في باقي الأيام ترجع إلى ما كانت عليه، يعني حينما تطلع الشمس من مغربها لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا [سورة الأنعام:158]، لكن إذا طلعت الشمس من مغربها هل معنى ذلك أن القيامة قامت؟.

الجواب: لا؛ لأن القيامة تأتيهم بغتة كما سبق في الأحاديث سرعة مجيئها وفي الآيات أيضًا، فهنا هذا الدخان الذي يحصل يعرض لهم ولا يستمر إلى أن تقوم الساعة - والله أعلم -، فما الإشكال من أن هذا يكشف؟

يعني ما رجح إذًا، هذا غير صحيح في طريقة الاختصار، يرجع فيه إلى الأصل، فهنا يقول: رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا يقول: إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ أنّا لو كشفنا عنهم العذاب، هذا الموضع يراجع فيه الأصل، هذه العبارة لا تفي بالمعنى ولا يتحملها ابن كثير - رحمه الله -، العبارة فيها إشكال.

قوله: إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ يعني إلى ما كنتم عليه من الشرك والكفر كما يدل عليه قوله تعالى: وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِم مِّن ضُرٍّ لَّلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ، وقوله: وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ القرآن يفسر بالقرآن، بخلاف قول من قال: إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ أي: عائدون إلينا بالبعث والنشور، هذا قول من يقول بأنه من أشراط الساعة الكبرى، وهو خلاف الظاهر المتبادر.