قال: المنابر في معنى وَمَقَامٍ كَرِيمٍ، مجاهد وسعيد بن جبير يقولون: المنابر، الآن عندنا المَقام والمُقام بعضهم يفرق بينهما، يقول: المَقام بالفتح مكان القيام، والمُقام مكان الإقامة، فهنا ماذا قال؟ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ مكان القيام، إذا كان مكان القيام فهذا هو الذي حمل - والله أعلم - هؤلاء على القول بأن المقصود به المنابر، مقام كريم: مقامات يقومون بها، هذا عند من فرق هذا التفريق، وهنا قال: وَمَقَامٍ كَرِيمٍ وهي المساكن الأنيقة والأماكن الحسنة، يعني هذا مكان الإقامة، في صبيحة واحدة انتهى كل شيء فرعون والكبراء الذين معه، الجيش، الرجال، ما بقي إلا الضعفاء والخدم، والخدم أصلاً كانوا من بني إسرائيل، وخرجوا مع موسى ﷺ، بقي الناس والأطفال، هذه قوة الله ، وكان هذا الهلاك بأسهل الأشياء، بالماء الذي كان فرعون يعتز ويفتخر ويقول: أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي [سورة الزخرف:51] فأراه الله كيف صارت الأنهار تجري من فوقه، كيف صار الماء يجري من فوقه، ثم يخرج كأني أراه عاريًا ليس عليه ما يواري سوءته يلقيه الموج إلى الشاطئ كأنه قشة، جثة هامدة لا حراك فيها، هذا الذي يدعي الإلهية فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى [سورة النازعات:24] يغرق بالماء، انظر كيف بأس الله الذي لا يرد عن القوم المجرمين، وعاد التي كانت تفتخر بقوتها وجبروتها وما أوتيت من ضخامة الأجسام أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ [سورة الفجر:6-7] ماذا فعل الله بهم؟ ريح، الهواء هذا الساكن، هذا الهواء اللطيف الرقيق، هلاك هؤلاء العتاة الكبار بالماء والهواء، فهذا الذي يدعي الإلهية يصارع ويعارك ثم هو وجنده وعسكره وخيولهم وبعارينهم وحميرهم وبغالهم كلهم في الماء، وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي انظر كيف تجري الأنهار من تحتك، فنحن ينبغي أن نعظم الله، وأن نعرف عظمته وقدره وقوته وبأسه، وإذا أردنا النصر حقيقة فالنصر يأتي من عند الله وليس من أعدائه، وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى [سورة الأنفال:10] ألف ملَك ينزلون بشرى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ ملائكة، فما قيمة البشر وعتاد البشر وأسلحة البشر؟! لكن القوة الحقيقية هي في أمر مقدور لنا، الذي في أيدي الأعداء ليس بمقدور لنا، ولا يعطونك إياه إلا بما هو أسوأ وأنكأ، فأنت بين خيارين أحلاهما مر، لكن أسباب النصر مقدورة إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ [سورة محمد:7]، وتفاصيل هذه الجملة وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ [سورة الأنفال:46] فإذا حققنا هذا انتصرنا، وأما القوة فلسنا بمطالبين بأكثر مما نطيق، وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ [سورة الأنفال:60] لا نطالَب بأكثر من هذا، لكن حينما لا نحقق هذا فنكون متفرقين وكل واحد يقول: نحن هنا لا يأتي النصر، هذا أمر باليد ومع ذلك نعرض عنه وننتظر من أعدائنا أن يمدونا، وأن يقوونا، وأن يعينونا، وأقبح من هذا كله أولائك الذين قد ضيعوا العقود المتطاولة، وضيعوا مقدسات المسلمين على مفاوضات ومحادثات لا تجلب لهم نفعًا ولا تدفع عنهم ضرًا ولا تغير من الواقع شيئًا، بل تزيده سوءًا، محادثات كثيرة، ولكن لا قيمة لشيء منها، كانت قضية فلسطين قضية الأمة ، ثم صارت القضية العربية، ثم ما لبثت أن صارت قضية الشرق الأوسط، ثم صارت القضية الفلسطينية، الشأن الفلسطيني فقط، هذا محصور في فلسطين البقية ما لهم علاقة، إندونيسيا لا علاقة لها بالموضوع، ونحن نتقبل ونردد العبارات نفسها القضية الفلسطينية هذا شأن فلسطيني، هذا ليس شأن فلسطين فحسب هذا شأن الأمة جميعًا، والحوار والجدل والنقاش على حدود 67، نحن لا نعرف لا 67 ولا 48 ولا 45 نحن نعرف أن هؤلاء شذاذ الآفاق حقهم القتل، أعداء الله وأعداء رسله - عليهم الصلاة والسلام -، وأن هؤلاء لا حق لهم في فلسطين، وأنه ينبغي أن تُغسل الأرض وتطهر منهم تمامًا، ليس هناك شيء اسمه 67 ولا 65 ولا 27 إطلاقًا، تجد الجدل كله 67 وحدود 67، الكلام كله على هذا الآن، ومن قال: لهم حق في 67 أو ما قبل 67 أو قبل 47؟ هذا لا قيمة له، فكيف يُضلَّل الناس وتصير القضية هي فقط في هذا الحد أو ذاك الحد، ما في حد، حد السيف هو الذي ينبغي أن يكون بيننا وبين هؤلاء اليهود، لكن نصر الله آتٍ، نحن لا نشك في هذا، ولكن الأمة إلى الآن ما تهيأت لهذا النصر، ولا استكملت أسبابه، ولا نقول هذا والله تكثرًا، ولا نقوله من باب التفاؤل الذي لا يبنى على أساس، أنا أقوله وأتيقنه أعظم من مشاهدتكم، ولعلنا ندرك ذلك اليوم، لا نشك في هذا طرفة عين، ودائمًا أتخيل وأتذكر هذه المذابح، وأقول: سيأتي رجال في أصلاب آبائهم ويقولون: كيف جرى هذا؟ كيف وقع هذا؟، أين الناس؟ - والله المستعان -، وإلا فهؤلاء إذا حقت الحقائق هم من أشد الناس هلعًا ورعبًا وخوفًا، لكنهم جعلوا من أنفسهم هالة وجيشًا لا يقهر، وإذا جاء الجد رأيتهم صبيانًا يبكون، يلملمون بعضهم ويبكون بكاء النساء، هذا الجيش الذي لا يقهر كيف يثبت أصلاً؟!، ما عنده مقومات، لا يذكر الله ولا يعرفه ولا يصلي، لا يعرف الله ، فالذي ما عرف ربه هذا ريشة في مهب الريح العاصف، قلبه في كل مكان، هذا لا يثبت، كيف يقال: جيش لا يقهر وجيش لا يدحر؟ هؤلاء لو حقت الحقائق وواجهوا أهل الإيمان والله لا يمكن أن يكون لهم ولا لغيرهم من أعداء الله أدنى ثبات، هؤلاء لا يريدون إلا الدنيا، هؤلاء لا يعرفون الله والذي لا يعرف الله كيف يعيش أصلاً؟، فكيف إذا جاء الخوف؟، هو خائف بدون شيء المصحات النفسية والقلق والهلع والموت يرونه صباح مساء في أيام العافية، فكيف لو جاء الخوف؟! ما رأيتم الصواريخ هذه التي في غزة الواحد قدر الذراع يعملونها في ورش، هذه إذا جاءت يهرولون، مساكين، الوزير والفقير، يهربون ويفرون، وانظر كيف إخواننا في سوريا يتلقون هذا الضرب!!، لو وُجه لهؤلاء اليهود أنا متأكد أنهم يموتون بدون إصابات، لو وجه لهم هذا الدك والضرب سيموتون، ومن يبقى منهم حيًّا فإن ذلك لفقد عقله، خلاص عقله انتهى أصلاً، ما عاد يعقل، صار مخبولا، هذه هي الحقيقة، فالذي لا يعرف الله لا يستطيع أن يثبت، ولا أن يعيش، هذا تنتابه المخاوف، انظر إلى المسلمين الآن الذين عندهم تقصير في هذا الجانب كيف يعيشون في قلق فكيف بالكافر؟.