السبت 24 / ذو الحجة / 1446 - 21 / يونيو 2025
فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ ٱلسَّمَآءُ وَٱلْأَرْضُ وَمَا كَانُوا۟ مُنظَرِينَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

قال: وقوله : فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاء وَالْأَرْضُ أي: لم تكن لهم أعمال صالحة تصعد في أبواب السماء فتبكي على فقدهم، ولا لهم في الأرض بقاع عبدوا الله تعالى فيها فقدتهم، فلهذا استحقوا ألا يُنظروا ولا يؤخروا لكفرهم وإجرامهم وعتوهم وعنادهم.

هذا الذي قال به كثير من السلف فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاء ما كانت هناك بقاع يعبدون الله عليها فتفقدهم، ولا عمل يرفع إلى السماء فيُفقد صاحبه إذا هلك، والعرب أيضًا على نوع من الاتساع يعبرون بمثل هذا يعني أن فقده لا يعني شيئًا، ما بكت عليه السماء ولا الأرض، ذهب فرعون وقوم فرعون، فذهابهم لا شيء، ما تغيرت حال الدنيا، كل شيء ماضٍ على حاله، حتى البحر الذي انفلق رجع بعدما أدى المهمة، وعاد كل شيء كما كان، لكن الأسماك وجدت غذاء وطعامًا، رُزقت بدعوة غيرها.

قال: وروى ابن جرير عن سعيد بن جبير قال: أتى ابنَ عباس - ا - رجلٌ فقال: يا أبا العباس، أرأيت قول الله : فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاء وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ فهل تبكي السماء والأرض على أحد؟، قال : نعم إنه ليس أحد من الخلائق إلا وله باب في السماء منه ينزل رزقه، وفيه يصعد عمله، فإذا مات المؤمن فأغلق بابه من السماء الذي كان يصعد فيه عمله وينزل منه رزقه ففقده بكى عليه، وإذا فقده مصلاه من الأرض التي كان يصلي فيها ويذكر الله فيها بكت عليه، وإن قوم فرعون لم تكن لهم في الأرض آثار صالحة، ولم يكن يصعد إلى الله منهم خير، فلم تبكِ عليهم السماء والأرض"[1]، وروى العوفي عن ابن عباس - ا - نحو هذا.

هذا هو الأقرب، والله أعلم.

وجاء عن الحسن أن المقصود فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاء يعني أهل السماء وَالْأَرْضُ أهل الأرض.

  1. رواه ابن جرير الطبري في تفسيره (22/ 34).