الجمعة 22 / محرّم / 1447 - 18 / يوليو 2025
فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا۟ هَٰذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا ۚ بَلْ هُوَ مَا ٱسْتَعْجَلْتُم بِهِۦ ۖ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

قال الله تعالى: فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ أي: لما رأوا العذاب مستقبلهم اعتقدوا أنه عارض ممطر، ففرحوا واستبشروا به، وقد كانوا مُمْحلين محتاجين إلى المطر.

قوله: فَلَمَّا رَأَوْهُ، الضمير هنا يرجع إلى ماذا؟

بعضهم يقول: يعود إلى مَا في قوله: فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا، وهو العذاب، فَلَمَّا رَأَوْهُ يعني: العذاب الذي وعدهم به، فيكون الضمير عائدًا على مذكور قبله، يرجع إلى مَا.

وبعضهم يقول كالزجاج والمبرد: إنه يعود إلى غير مذكور يفهم من السياق، ويدل عليه قوله: عَارِضًا، في قوله: فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ وهو: السحاب.

فعلى الأول: أنه العذاب، وعلى الثاني: فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا، هم ماذا رأوا؟ هم رأوا السحاب الذي في ضمنه العذاب، أو الذي حقيقته العذاب، يعني: هم كانوا يظنون أن الذي يرونه من قبيل السحاب، والواقع أنه عذاب، والسحاب يقال له: عارض؛ لأنه يعرض في الأفق، وبعض أهل العلم كابن جرير يقول: إن السحاب في العشيّ يكون في السماء أو في الأفق، ثم بعد ذلك من الغد يزحف بعضه إلى بعض، فيجتمع، فيقال له: عارض، فظنوا أن هذا سحاب يمطرون به، على كل حال: السحاب يقال له هذا؛ لأنه يعترض في الأفق.

قال الله تعالى: بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ أي: هو العذاب الذي قلتم: فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ.

قوله: بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ، من الذي قال هذا؟ هل هو الله - تبارك وتعالى -، أو أنه هود ﷺ؟ هذا يحتمل، يعني: لما قالوا: هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا أجابهم فقال: بل هذا هو العذاب الذي استعجلتم به، وهذا الذي اختاره ابن جرير - رحمه الله.