قوله: فَلَمَّا رَأَوْهُ، الضمير هنا يرجع إلى ماذا؟
بعضهم يقول: يعود إلى مَا في قوله: فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا، وهو العذاب، فَلَمَّا رَأَوْهُ يعني: العذاب الذي وعدهم به، فيكون الضمير عائدًا على مذكور قبله، يرجع إلى مَا.
وبعضهم يقول كالزجاج والمبرد: إنه يعود إلى غير مذكور يفهم من السياق، ويدل عليه قوله: عَارِضًا، في قوله: فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ وهو: السحاب.
فعلى الأول: أنه العذاب، وعلى الثاني: فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا، هم ماذا رأوا؟ هم رأوا السحاب الذي في ضمنه العذاب، أو الذي حقيقته العذاب، يعني: هم كانوا يظنون أن الذي يرونه من قبيل السحاب، والواقع أنه عذاب، والسحاب يقال له: عارض؛ لأنه يعرض في الأفق، وبعض أهل العلم كابن جرير يقول: إن السحاب في العشيّ يكون في السماء أو في الأفق، ثم بعد ذلك من الغد يزحف بعضه إلى بعض، فيجتمع، فيقال له: عارض، فظنوا أن هذا سحاب يمطرون به، على كل حال: السحاب يقال له هذا؛ لأنه يعترض في الأفق.
قوله: بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ، من الذي قال هذا؟ هل هو الله - تبارك وتعالى -، أو أنه هود ﷺ؟ هذا يحتمل، يعني: لما قالوا: هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا أجابهم فقال: بل هذا هو العذاب الذي استعجلتم به، وهذا الذي اختاره ابن جرير - رحمه الله.