الجمعة 22 / محرّم / 1447 - 18 / يوليو 2025
وَلَقَدْ مَكَّنَّٰهُمْ فِيمَآ إِن مَّكَّنَّٰكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَٰرًا وَأَفْـِٔدَةً فَمَآ أَغْنَىٰ عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَآ أَبْصَٰرُهُمْ وَلَآ أَفْـِٔدَتُهُم مِّن شَىْءٍ إِذْ كَانُوا۟ يَجْحَدُونَ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا۟ بِهِۦ يَسْتَهْزِءُونَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ۝ وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرَى وَصَرَّفْنَا الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ۝ فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ [الأحقاف:26-28].

يَقُولُ تَعَالَى: وَلَقَدْ مَكَّنَّا الْأُمَمَ السَّالِفَةَ فِي الدُّنْيَا مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ، وَأَعْطَيْنَاهُمْ مِنْهَا مَا لَمْ نُعْطِكُمْ مِثْلَهُ، وَلَا قَرِيبًا مِنْهُ.

هذا التفسير الذي ذكره الحافظ ابن كثير - رحمه الله - باعتبار أن: إِنْ نافية، ومَا موصولة في قوله - تبارك وتعالى -: وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ يعني: مكناهم فيما لم نمكن لكم فيه، مكناهم في الذي ما مكناكم فيه من المال، وطول الأعمار، وقوة الأبدان، إلى غير ذلك من أسباب القوة والتمكين، وهذا الذي عليه عامة المفسرين، واختاره ابن جرير - رحمه الله -، وقال به من أصحاب المعاني المبرد، ومن المعاصرين أيضًا الشيخ محمد الأمين الشنقيطي - رحمه الله -، فقد رجح هذا القول.

وبعضهم كابن قتيبة يقول: إن إِنْ زائدة، وهذا صحيح في لغة العرب، ولكن الأول أرجح، والأصل عدم الزيادة، وسيتغير المعنى تمامًا إذا قلت: إن إنْ هذه صلة للتوكيد، فيكون المعنى: ولقد مكناهم فيما مكناكم فيه، يعني: مكناهم في هذا التمكين الذي مكناكم، أي: تمكينًا كالذي مكناكم فيه، فأهلكناهم، يعني: ابتليناهم بهذا التمكين، فكفروا، فأهلكهم الله ، ولكن نصوص القرآن الكثيرة تدل على أن الأولين كانوا أشد قوة وآثارًا في الأرض، فهي تدل على المعنى الأول، ولا تدل على هذا المعنى، وإن كان ذلك مما يصح وجهه من جهة العربية، أي القول بأنها زائدة، لكن المعنى في الآية الراجح أنه الأول.

وبعضهم يقول: إن إِنْ هذه شرطية، وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ أين الجواب إذا كانت شرطية؟ يقولون: مقدر محذوف، يعني: فيما إن مكناكم فيه طغيتم وكفرتم وتجبرتم، وهذا أضعف هذه الأقوال الثلاثة، والله أعلم.

وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصَارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ أَيْ: وَأَحَاطَ بِهِمُ الْعَذَابُ، وَالنَّكَالُ الَّذِي كَانُوا يُكَذِّبُونَ بِهِ، وَيَسْتَبْعِدُونَ وُقُوعَهُ، أَيْ: فَاحْذَرُوا أَيُّهَا الْمُخَاطَبُونَ أَنْ تَكُونُوا مِثْلَهُمْ، فَيُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَهُمْ مِنَ الْعَذَابِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.