الإثنين 23 / صفر / 1447 - 18 / أغسطس 2025
وَمَن لَّا يُجِبْ دَاعِىَ ٱللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِى ٱلْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُۥ مِن دُونِهِۦٓ أَوْلِيَآءُ ۚ أُو۟لَٰٓئِكَ فِى ضَلَٰلٍ مُّبِينٍ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

ثم قال مخبراً عنهم: وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ أي: بل قدرة الله شاملة له، ومحيطة به، وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءُ أي: لا يجيرهم منه أحد، أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ وهذا مقام تهديد وترهيب، فَدَعَوا قومهم بالترغيب والترهيب؛ ولهذا نجع في كثير منهم وجاءوا إلى رسول الله ﷺ وفودًا وفودًا، ولله الحمد والمنة، والله أعلم.

انتهى الآن الكلام على خبر الجن، ومجيئهم إلى النبي ﷺ، وكان عندي في هذه المسألة كتابة في حدود سنة 1412هـ، وكنت أريد أن آتي بخلاصتها وحاصلها، ولكني نسيت أن أراجعها، أو أن آتي بها، لعله يكون - إن شاء الله - في مجلس آخر، أقصد حاصل الكلام في مسألة الوفد الذين استمعوا قراءة النبي ﷺ، هل كان مرة واحدة أو كان أكثر؟ يعني: هل سورة الجن في واقعة، وسورة الأحقاف في واقعة أخرى كما قد يفهم من حديث ابن مسعود الحديث الآخر لما فقدوا النبي ﷺ وهم بمكة، هذا كله قبل الهجرة، فبحثوا عن النبي ﷺ وقالوا: اغتيل، استطير يعني: خطفته الجن، ثم أقبل ﷺ من ناحية حراء، فذكر لهم أن وفد الجن أتوا إليه ﷺ، وذهب بهم، وأراهم مواضع نيرانهم، يعني: المكان الذي كانوا اجتمعوا فيه مع النبي ﷺ[1]، وجاء أيضًا في حديث آخر: أن النبي ﷺ عرف ذلك أخبرته شجرة، يعني: أشعرته بهم، وأخبرته عنهم، وهذا في الصحيح[2]، وهذا لا يستغرب فالجذع حن[3]، والنبي ﷺ قال: إني لأعرف حجرًا كان يسلم عليّ بمكة قبل أن أبعث[4]، وكانوا يسمعون تسبيح الطعام[5]، وكذلك أيضًا في حديث جابر في صحيح مسلم: لما أراد النبي ﷺ أن يقضي الحاجة في سفر، فلم يجد شيئًا يستتر به، فأخذ بطرفي شجرتين وقال: انقادا، فأتت كل شجرة، واقتربت، ومشت؛ حتى كوّن ذلك ساترًا، يقول جابر : فانطلقت، خشي أن يراه؛ لأنه تبع النبي ﷺ ولم يشعر به، ومعه الماء، فلما قضى حاجته ﷺ أمرهما بأن تذهبا، فذهبت كل شجرة إلى مكانها[6].

  1. أخرجه مسلم، كتاب الصلاة، باب الجهر بالقراءة في الصبح والقراءة على الجن، رقم: (450).
  2.  أخرجه البخاري، كتاب مناقب الأنصار، باب ذكر الجن، رقم: (3859)، ومسلم، كتاب الصلاة، باب الجهر بالقراءة في الصبح والقراءة على الجن، رقم: (450).
  3. أخرجه البخاري، كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام، رقم: (3583).
  4. أخرجه مسلم، كتاب الفضائل، باب فضل نسب النبي ﷺ، وتسليم الحجر عليه قبل النبوة، رقم: (2277).
  5. أخرجه البخاري، كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام، رقم: (3579).
  6. أخرجه مسلم، كتاب الزهد والرقائق، باب حديث جابر الطويل وقصة أبي اليسر، رقم: (3012).