السبت 19 / ذو القعدة / 1446 - 17 / مايو 2025
قُل لَّا يَسْتَوِى ٱلْخَبِيثُ وَٱلطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ ٱلْخَبِيثِ ۚ فَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ يَٰٓأُو۟لِى ٱلْأَلْبَٰبِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

قُل لاَّ يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُواْ اللّهَ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ۝ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِن تَسْأَلُواْ عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللّهُ عَنْهَا وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ ۝ قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِّن قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُواْ بِهَا كَافِرِينَ [سورة المائدة:100-102].
يقول تعالى لرسوله ﷺ : قل يا محمد لا يستوي الخبيث والطيب وَلَوْ أَعْجَبَكَ أي: يا أيها الإنسان كَثْرَةُ الْخَبِيثِ يعني أن القليل الحلال النافع خير من الكثير الحرام الضار كما جاء في الحديث: ما قل وكفى خير مما كثر وألهى​​​​​​​[1].


قوله تعالى: لاَّ يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ [سورة المائدة:100] هنا قال: النافع والضار، وعلى كل حال فالآية تحمل على أعمِّ معانيها، فالله لم يحدد شيئاً، وبالتالي نقول: لا يستوي الخبيث والطيب من الذوات، فالمؤمن لا يستوي مع الكافر، والمطيع لا يستوي مع العاصي، وصاحب السنة لا يستوي مع المبتدع.
وكذلك أيضاًَ في المعاني والأعمال والمكاسب وما إلى ذلك لا يستوي الخبيث والطيب، ولا يستوي المال الخبيث والمال الطيب ولا يستوي الكلام السيئ مع الكلام الطيب، ولا يستوي العمل الصالح مع العمل السيئ، ولا يستوي الكفر مع الإيمان، والطاعة مع المعصية، وما أشبه هذا، هذا هو الذي يناسب ظاهر القرآن، والله تعالى أعلم، وظاهر كلام ابن جرير - رحمه الله - أنه حملها على أعم معانيها.
وكذلك الأمر في قوله تعالى - مع الفارق - : الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ [سورة النــور:26] فبعضهم يقول: هذا في الذوات أي النساء الطيبات للطيبين من الرجال والعكس، وكذا الخبيثات من النساء للخبيثين، يعني الزواني لأمثالهم وما أشبه هذا، وبعضهم يقول: هذا في الأقوال، فالأقرب - والله أعلم - حمل ذلك على ما هو أعم، وهو الذي فسره به أيضاً ابن جرير - رحمه الله - هناك، أي الخبيثات من النساء والأقوال والأعمال والأوصاف للخبيثين من الناس فهي تناسبهم وتشاكلهم وهم المحل القابل لها، ثم إن الخبيثين والخبيثات تصدر منهم الأقوال والأفعال الخبيثة، والطيبات والطيبين تصدر منهم الكلمات الطيبة وتناسبهم الذوات الطيبة والأعمال الطيبة فهم أهل لذلك ومحل قابل له، والعلم عند الله .

فَاتَّقُواْ اللّهَ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ [سورة المائدة:100] أي: يا ذوي العقول الصحيحة المستقيمة، وتجنبوا الحرام ودعوه واقنعوا بالحلال واكتفوا به لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [سورة المائدة:100] أي في الدنيا والآخرة.
  1. أخرجه أحمد (21769) (ج 5 / ص 197) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم (947).