الأحد 28 / شوّال / 1446 - 27 / أبريل 2025
وَٱذْكُرُوا۟ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَٰقَهُ ٱلَّذِى وَاثَقَكُم بِهِۦٓ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ

المصباح المنير التسهيل في علوم التنزيل لابن جزي
مرات الإستماع: 0

"وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُم بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ۝ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ۝ وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ ۝ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ۝ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ [سورة المائدة:7-11].
 يقول تعالى مُذكرًا عباده المؤمنين نعمتَه عليهم في شرعه لهم هذا الدين العظيم، وإرساله إليهم هذا الرسول الكريم، وما أخذ عليهم من العهد، والميثاق في مبايعته على متابعته، ومناصرته، ومؤازرته، والقيام بدينه، وإبلاغه عنه، وقبوله منه، فقال تعالى: وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُم بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ [سورة المائدة:7]، وهذه هي البيعة التي كانوا يبايعون عليها رسول الله ﷺ عند إسلامهم كما قالوا: بايعنا رسول الله ﷺ على السمع، والطاعة في منشطنا، ومكرهنا، وأثرة علينا، وألا ننازع الأمر أهله، وقال الله تعالى: وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ [سورة الحديد:8].
وقيل: هذا تذكار لليهود بما أخذ عليهم من المواثيق، والعهود في متابعة محمد ﷺ، والانقياد لشرعه، رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس - ا -."

القول الأول هو المتبادر، وهو الأرجح الذي عليه الجمهور من المفسرين، فالله يخاطب أهل الإيمان بقوله: وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُم بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ [سورة المائدة:7]، وليس هذا خطاباً لليهود.
ومن أهل العلم من يقول: إن هذا الميثاق المراد به ما أخذ عليهم، وهم في ظهر آدم ﷺ حينما استخرج ربنا - تبارك، وتعالى - الذرية من صلبه كأمثال الذر.
وعلى كل حال الأقرب هو هذا الذي ذكره الحافظ ابن كثير، وهو قول ابن جرير، وقول عامة المفسرين من السلف، والخلف أنه ما أخذ عليهم من المواثيق من طاعة النبي ﷺ، واتباعه، ونصرته، ونصرة دينه، وما شابه ذلك، كما حصل في بيعة العقبة، ونحوها.
"ثم قال تعالى: وَاتَّقُواْ اللّهَ تأكيد، وتحريض على مواظبة التقوى في كل حال، ثم أعلمهم أنه يعلم ما يختلج في الضمائر من الأسرار، والخواطر، فقال: إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ [سورة المائدة:7].

مرات الإستماع: 0

"وَمِيثاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ [المائدة: 7] هو ما وقع في بيعة العقبة، وبيعة الرضوان، وكل موطنٍ قال المسلمون فيه: سمعنا، وأطعنا".

الميثاق هو العقد المؤكد، يقال له: ميثاق، مؤكد بيمين، أو عهد، فأصل المادة هي العقد، والإحكام، فالميثاق هو العهد المحكم الموثق.

ويقول: "وكل موطنٍ قال المسلمون فيه: سمعنا، وأطعنا" كما قال الله - تبارك، وتعالى - : وَمَا لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [الحديد: 8] وفي حديث عبادة دعانا رسول الله ﷺ فبايعناه، فقال: "فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع، والطاعة في منشطنا، ومكرهنا"[1] وبهذا قال الجمهور[2] وجاء عن ابن عباس من طريق ابن أبي طلحة أن ذلك تذكير لليهود بما أخذ عليهم من الميثاق من الإيمان بمحمد ﷺ[3] وبعضهم يقول: هذا الميثاق حينما كان البشر في صلب آدم والأقرب أنه ما أخذ عليهم من العهود، والمواثيق، ويدخل في ذلك بيعة العقبة الأولى، والثانية، وغير ذلك.

  1. أخرجه البخاري في كتاب الفتن، باب قول النبي ﷺ. : سترون بعدي أمورًا تنكرونها برقم: (7056) ومسلم في الإمارة، باب، وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، برقم: (1709).
  2. تفسير القرطبي (6/109).
  3. تفسير ابن كثير ت سلامة (3/62).