الأربعاء 02 / ذو القعدة / 1446 - 30 / أبريل 2025
تَرَىٰ كَثِيرًا مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ ۚ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِى ٱلْعَذَابِ هُمْ خَٰلِدُونَ

المصباح المنير التسهيل في علوم التنزيل لابن جزي
مرات الإستماع: 0

"وقوله تعالى: تَرَى كَثِيرًا مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ [سورة المائدة:80] قال مجاهد: يعني بذلك المنافقين.
وقوله: لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ [سورة المائدة:80] يعني بذلك موالاتهم للكافرين، وتركهم موالاة المؤمنين."

قوله: تَرَى كَثِيرًا مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ [سورة المائدة:80] السياق في بني إسرائيل، وليس في المنافقين، وإن كان يقع في هذا أهل النفاق، فهم يوالون الكافرين لكن الله ذكر هذا في جملة ما ذكر من معايب بني إسرائيل، ومساوئهم من أجل أن يحذر فلا يقع فيه المسلم، فالسياق هنا ليس في المنافقين، فالله ذكر من عيوب بني إسرائيل التي سببت لهم اللعن أنهم كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ [سورة المائدة:79] ثم ذكر أن من ضمن الأمور التي سببت لهم هذا اللعن أن تَرَى كَثِيرًا مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ [سورة المائدة:80].
"لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ [سورة المائدة:80] يعني بذلك موالاتهم للكافرين، وتركهم موالاة المؤمنين التي أعقبتهم نفاقاً في قلوبهم، وأسخطت الله عليهم سخطاً مستمراً إلى يوم معادهم؛ ولهذا قال: أَن سَخِطَ اللّهُ عَلَيْهِمْ  [سورة المائدة:80]، وفسر بذلك ما ذمهم به، ثم أخبر عنهم أنهم وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ [سورة المائدة:80] يعني يوم القيامة.

مرات الإستماع: 0

"{تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ} إن أراد أسلافهم، فالرؤية بالقلب، وإن أراد المعاصرين للنبي ﷺ وهو الأظهر، فهي رؤية عين".

وابن عطية ذكر الوجهين[1] والمؤلف كما هو معروف يرجع إلى ابن عطية كثيرًا، ولكن ابن عطية زاد احتمالاً: أن يكون رؤية قلب للمعاصرين للنبي ﷺ باعتبار أنه يراه من أمورهم، ودلائل أحوالهم، فهو لا يشاهد هذا منهم؛ لأنه لا يعيش بينهم، ولكن يرى منهم ما يدل على ذلك، فيكون رؤية قلب أيضًا بالنسبة للمعاصرين للنبي ﷺ يعني ما ذُكر من أنه إن كان المراد من عاصر النبي ﷺ فهي رؤية عين، ابن عطية يقول: ليس بالضرورة، فيحتمل أيضًا أن تكون رؤية قلب باعتبار أنه ما شاهد ذلك بعينه؛ لأنه لا يعيش بينهم، وإنما رأى أمارات ذلك.

  1. تفسير ابن عطية = المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (2/225).