السبت 19 / ذو القعدة / 1446 - 17 / مايو 2025
لَّقَدْ كُنتَ فِى غَفْلَةٍ مِّنْ هَٰذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَآءَكَ فَبَصَرُكَ ٱلْيَوْمَ حَدِيدٌ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

وقوله تعالى: لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ [سورة ق:22] الخطاب مع الإنسان من حيث هو، والمراد بقوله تعالى: لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا يعني من هذا اليوم فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ أي قوي لأن كل أحد يوم القيامة يكون مستبصراً حتى الكفار في الدنيا يكونون يوم القيامة على الاستقامة، لكن لا ينفعهم ذلك قال الله - تعالى -: أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا [سورة مريم:38]، وقال: وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ [سورة السجدة:12].

قوله - تبارك وتعالى -: لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ لاحظ وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ ۝ لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا يعني يقال له:لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا، فالقرآن أبلغ الكلام فيطوي ما يمكن أن يفهمه السامع اختصاراً للكلام وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ فيقال له: لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا، وظاهر هذه الآية أنها عامة لجميع الناس؛ لأن ظاهر الآيات العموم وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ المؤمن والكافر، والبر والفاجر لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فالحافظ ابن كثير - رحمه الله - هنا حمله على العموم، قال: الإنسان من حيث هو، وهذا قول أكثر أهل العلم قال به جمهور المفسرين، وهو اختيار ابن جرير - رحمه الله - بناءً على الظاهر، وبعضهم يقول: إن ذلك مخصوص بالكافر؛ لأنه هو الذي كان في غفلة من هذا لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ، وهذا قال به الضحاك - رحمه الله -، لكن بناء على قول الجمهور - وهو اختيار ابن جرير وابن كثير - هو للعموم، كيف يكون هذا بالنسبة للمؤمن لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ؟ قالوا: باعتبار أنه تنكشف له الحقائق الغيبية التي ما كان يراها، وإنما كان يؤمن بها فهذه كالحُجب يعني: حجاب الغيب، فإذا رفع عنه هذا الحجاب عند ذلك يبصر فيرى الملائكة، ملائكة الرحمة، أو ملائكة العذاب، ويرى كثيراً من الحقائق التي كان يسمع عنها، ويؤمن بها، ولكن ليس الخبر كالمعاينة.

والقول الآخر أنه في الكافر له وجه باعتبار ذكر الغفلة، وكذلك ما بعده وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ ۝ أَلْقِيَا في جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ [سورة ق:23-24] فهذا في الكافر - والله تعالى أعلم -.