السبت 19 / ذو القعدة / 1446 - 17 / مايو 2025
وَجَآءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَآئِقٌ وَشَهِيدٌ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ أي: ملك يسوقه إلى المحشر، وملك يشهد عليه بأعماله، هذا هو الظاهر من الآية الكريمة، وهو اختيار ابن جرير، ثم روى عن يحيى بن رافع - مولى لثقيف - قال: سمعت عثمان بن عفان يخطب فقرأ هذه الآية وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ فقال: سائق يسوقها إلى الله - تعالى -، وشاهد يشهد عليها بما عملت.

هكذا ذكر الحافظ ابن كثير - رحمه الله - وهو اختيار ابن جرير، ولعله الأقرب - والله تعالى أعلم - أن معنى سائق، وشهيد: سائق يسوقها من الملائكة، وشهيد يشهد عليها من الملائكة، فكل هؤلاء من الملائكة، وبعضهم يقول: إن السائق من الملائكة - كما يقول الضحاك -، ولكن الشهيد من أنفسهم يعني الأيدي، والأرجل الجوارح التي تشهد عليهم وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ سائق يسوقها، وشهيد يشهد عليها من جوارحهم كما أخبر الله - تبارك وتعالى -، وبعضهم يقول: إن السائق هو القرين من الشياطين، لا على أنه يسوقها، وإنما لكونه يتبعها؛ فكأنه سائق لها وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ، فهذا الذي يتبعها وهو القرين بمنزلة السائق وإن لم يكن يسوقها، لكن هذا خلاف الظاهر - والله تعالى أعلم -، فظاهر القرآن يدل على أنه يسوقها، تساق كما يؤخذ المجرم أو الجاني كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ، وبعضهم يقول: إن السائق هو الملك، والشهيد هو العمل، والأولون قالوا: هي الجوارح تشهد عليه، وهنا العمل، وبعضهم يقول: إن السائق هو كاتب السيئات، والشهيد هو كاتب الحسنات - والله تعالى أعلم -، لكن الظاهر - والله تعالى أعلم - أن السائق والشهيد ملكان أحدهما يسوقه، والآخر يشهد عليه، والعلم عند الله .