السبت 17 / ذو الحجة / 1446 - 14 / يونيو 2025
يَوْمَ تَشَقَّقُ ٱلْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ۚ ذَٰلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

، وقوله تعالى:يَوْمَ تَشَقَّقُ الأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًاوذلك أن الله ينزل مطراً من السماء ينبت به أجساد الخلائق كلها في قبورها، كما ينبت الحب في الثرى بالماء، فإذا تكاملت الأجساد أمر الله تعالى إسرافيل فينفخ في الصور وقد أودعت الأرواح في ثقب في الصور، فإذا نفخ إسرافيل فيه خرجت الأرواح تتوهج بين السماء والأرض، فيقول الله : وعزتي وجلالي لترجعن كل روح إلى الجسد الذي كانت تعمره، فترجع كل روح إلى جسدها، فتدب فيه كما يدب السم في اللديغ وتنشق الأرض عنهم، فيقومون إلى موقف الحساب سراعا مبادرين إلى أمر الله.

هنا المختصر جعل ذلك من كلام ابن كثير، وابن كثير في الأصل ذكره على أنه رواية، أو على أنه أثر، أو على أنه حديث، إن لم أكن مخطئاً فقد ذكره على أنه رواية، وهذا لا يقال من جهة الرأي أصلاً.

مُّهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ[سورة القمر:8]، وقال الله تعالى: يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إن لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا[سورة الإسراء:52].

يَوْمَ تَشَقَّقُ الأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا يعني يخرجون مسرعين، وهنا:مُّهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِمهطعين: يعني مسرعين قد مدوا أعناقهم -هذا المُهطع- يستجيبون للداعي، وهكذا في قوله -تبارك وتعالى-:يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ [سورة المعارج:43] فهذا كله يدل على هذا المعنى وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ[سورة يس:51] والنسلان هو مشي سريع  مِن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ [سورة الأنبياء:96] معنى النسلان الإسراع، كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ أي يأجوج ومأجوج، مثل مشي السباع، فالنسلان مشي سريع بطريقة معينة مثل الجنود إذا دخلوا أرضاً أو بلداً يمشون بطريقة فيها سرعة وربما حذر، من كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ .

وفي صحيح مسلم عن أنس قال: قال رسول الله ﷺ: أنا أول من تنشق عنه الأرض [1]، وقوله :ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ أي تلك إعادة سهلة علينا، يسيرة لدينا كما قال : وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ[سورة القمر:50]، وقال -تبارك وتعالى-:مَا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إن اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ [سورة لقمان:28]،
  1. [1] - رواه أبو داود، كتاب السنة، باب في التخيير بين الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-، برقم (4673)، وأحمد في المسند، برقم (10972)، وقال محققوه: "حديث صحيح، وهذا إسناد حسن"، ومسلم، كتاب الفضائل، باب تفضيل نبينا ﷺ على جميع الخلائق، برقم (2278)، بلفظ: أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأول من ينشق عنه القبر... .