يقول: والخراصون الذين يقولون: لا نبعث، ولا يوقنون، هذا القول باطل فهم كاذبون مبطلون قائلون بالظنون، مرتابون، هلك المرتابون، أهل الغرة والظنون، كل هذا من قبيل اختلاف التنوع، وليس من اختلاف التضاد.
الغمرة أصلها ما ستر الشيء وغطاه، تقول: غمره الماء بمعنى غطاه وستره، كل ما ستر وغطى الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ يعني: في غفلة سادرون لا يفيقون منها، كما قال الله : بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِّنْ هَذَا [سورة المؤمنون:63] في غفلة وجهالة، قلوبهم لا تفيق للحق، ولا تعي ولا تفقه عن الله -تبارك وتعالى-.
أما السهو فـ سَاهُونَ أي: سادرون في غفلتهم، وأصل معنى السهو الذهول عن الشيء، والفرق بين السهو والنسيان أن ذهاب المعلوم من الذهن هو النسيان، ينسى الإنسان لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى [سورة طه:52]، ذهاب المعلوم من الذهن يقال له: النسيان، وأما السهو فالعلم مكتنٌّ لدى صاحبه ولكنه غاب عنه في لحظته، ما نسيه لكنه كما قال في المراقي:
ذهابُ ما عُلم قل نسيانُ | والعلمُ في السهوِ له اكتنانُ |
هذا الفرق بين النسيان والسهو، فهنا الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ المقصود سادرون في غفلتهم لا يفيقون منها، تقول: فلان في سهو ولهو، يعني أن الغفلة غالبة عليه، والله أعلم.