الثلاثاء 01 / ذو القعدة / 1446 - 29 / أبريل 2025
وَفِى ٱلسَّمَآءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

ثم قال تعالى:وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ[سورة الذاريات:22] يعني: المطر، وَمَا تُوعَدُونَ يعني: الجنة، قاله ابن عباس -ا- ومجاهد وغير واحد.

وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ قال: يعني المطر، باعتبار أن كل ما علا يقال له سماء.

إذا نزل السماءُ بأرضِ قومٍ رعيناه وإن كانوا غِضابا

 نزل السماء يعني المطر، السحاب، فكل ما علاك فهو سماء، وكثير من أهل العلم فسر السماء هناوَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ قالوا: يعني المطر، السحاب، باعتبار أنه ينزل فتكون به حياة الإنسان والحيوان، والله  يقول:وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ[سورة الأنبياء:30]، فهذا الماء الذي ينزل منه ما يكون في باطن الأرض فيستقون منه عن طريق الآبار، وبه يخرج النبات الذي يأكله الإنسان مباشرة، أو بواسطة عن طريق الحيوان، حيث تدر ضروعها الألبان، ويأكلون لحمها وما إلى ذلك نتيجة لنزول المطر،وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ أي: السحاب والمطر، هذا قال به كثير من أهل العلم، والله يقول:وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ السَّمَاء رِزْقًا[سورة غافر:13] يعني: هذا المطر، فقد سماه الله رزقاً، كما قال الله :وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاء مِن رِّزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا[سورة الجاثية:5]، فالآيات يفسر بعضها بعضاً، ولهذا فسره بعض المفسرين -بعض الأئمة- مثل ابن جرير -رحمه الله- بأنه المطر، وهذا الذي عليه عامة أهل العلم،وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ أي: السحاب أو المطر، باعتبار أن كل ما علاك فهو سماء، ويفسره الآيات الأخرى،وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاء مِن رِّزْقٍ[سورة الجاثية:5]، يعني: من مطر، ومن أهل العلم من قال: إن المقصود بهذا وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ يعني: عند الله في السماء الرزق، وبعضهم فسره بما يجري من التقدير في السماء، تقدير الأرزاق والمعايش وسائر الأمور كل ذلك يجري في السماء، فتكون السماء ليس مراداً بها السحاب والمطر، وإنما السماء حقيقة،وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ فالله -تبارك وتعالى- يقدر في السماء، كما قال الله : يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاء إِلَى الْأَرْضِ[سورة السجدة:5]، فتقدير الأرزاق في السماء، وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ أي: تقدير الأرزاق، والآية تحتمل هذا وهذا، ولا شك أن التقدير في السماء، والله هو المقدر، وما يأتي للناس من أرزاق فإنما ذلك بتقدير الله -تبارك وتعالى-، والسحاب رزق يقدره الله -تبارك وتعالى- فينزل على من شاء الله نزوله عليه، وهنا قال: قاله ابن عباس -ا- ومجاهد وغير واحد، يعني قالوا: إن وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ يعني: الجنة، وبعضهم قال: الجنة والنار، أما الجنة فلا شك أنها في السماء، وأما النار فهذا يحتاج إلى نظر وتأمل، النار يؤتى بها، ومن أهل العلم من يقول: إنها ليست في السماء، ويمكن أن يحمل قوله:وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ  على أعم معانيه من المطر، وما فيها من تقدير الأقوات والمعايش، وما يجري من القضاء والقدر، وفيها جنة الله -تبارك وتعالى-، وجزاء الأعمال وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ[سورة الذاريات:22]، ما توعدون: توعدون من الجنة، ومن أهل العلم من قال: النار، وذكرتُ أن هذا فيه ما فيه، لكن وَمَا تُوعَدُونَ من جزاء الأعمال من الثواب، كل هذا لا يتنافى،  وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ  تقدير الأرزاق والسحاب، وما أشبه ذلك، وما توعدون من الجنة من ثواب الأعمال، والقضاء والقدر.