وقوله تعالى:فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ [سورة الذاريات:23] يقسم تعالى بنفسه الكريمة أن ما وعدهم به من أمر القيامة والبعث والجزاء كائن لا محالة، وهو حق لا مرية فيه، فلا تشكوا فيه كما لا تشكوا في نطقكم حين تنطقون.
وكان معاذ ، إذا حدث بالشيء يقول لصاحبه: إن هذا لحق كما أنك هاهنا.
يقول الله :فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ، يحتمل أن يكون ما أخبر عنه بهذه الآيات، ومن أهل العلم من قال: ما أخبر عنه في القرآن إِنَّهُ لَحَقٌّ، وبعضهم يقول: هذا فيما يتعلق بالرزق أو الآيات التي ذكرها، أو ما قص في كتابه عموماً، إِنَّهُ لَحَقٌّ، الله يقول:وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ، ثم قال:فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ يعني: ما قصه في كتابه، ما أخبر عنه، أو هذه الأشياء المذكورة آنفاً، وبين القولين ملازمة، فما قصه الله في كتابه وأخبر عنه هذا بعضه، والله تعالى أعلم.
مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ أي: أنه حق ثابت محقق كنطقكم، كما هو أحد المعاني في قوله -تبارك وتعالى-:وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا[سورة الإسراء:24] أي: ارحمهما رحمة محققة، فتربيتهما في حال الصغر ثابتة محققة،كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا،إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ، فنطقكم ثابت لا مرية فيه، لا يجادل فيه أحد.