الأربعاء 02 / ذو القعدة / 1446 - 30 / أبريل 2025
فَرَاغَ إِلَىٰٓ أَهْلِهِۦ فَجَآءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

وقوله:فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ أي: انسل خفية في سرعة.

الروغان يدل على هذين المعنيين معاً، راغ يعني ذهب –انصرف- في خفية وسرعة، الحافظ ابن القيم-رحمه الله- تكلم على هذه القضية في موضعين من كتبه، يقول: ما جعل يعد الفلوس أمامهم –الدراهم-، ويقول: أنا سأذهب إلى السوق لأتبضع لكم وآتي بقراء أضعه بين أيديكم، فيحرج الضيف، وما جعل يتباطأ، وما احتاج أن يذهب إلى سوق؛ لأن قرى الضيفان موجود عنده، بل قال: إنه لم يذكر هنا أنهم استأذنوا عليه؛ قال: لأن بابه مفتوح للضيفان، يدخلون من غير استئذان، اعتاد الناس ذلك لكرمه، بابه مفتوح،فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ ذهب مسرعاً في خفاء؛ لئلا يشعر به الضيف،فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ جاء به من عند أهله، ما ذهب إلى سوق، فهو متهيئ لمثل هذا.

 فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ أي: من خيار ماله، وفي الآية الأخرى:فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ[سورة هود:69] أي: مشوي على الرَّضْف.

والرَّضْف يعني الحجارة الرقاق، شرائح الحجارة، مشوي على الرضف، حنيذ، وجاء بعجل، العجل أنفس اللحم، وجاء به كاملاً من أجل أن الضيف يتخير ما شاء من لحم هذا العجل، قد يعجبه الظهر أو الكتف أو غير ذلك، وهذا يدل على أن ما يقدم للضيف مما لا يكون على سبيل المباهاة والتفاخر أنه لا إشكال فيه وهذا مطلوب، لكن بحيث إن هذا الطعام لا يفسد ويرمى ويهدر، وإنما ينتفع به، وإلا فلو قدمت لضيف واحد عجلاً لما كان ذلك كثيراً بشرط أن لا يكون هذا على سبيل المباهاة والتفاخر، ولا يمدح الإنسان بالبخل ولا بالتقتير، وإنما بالكرم.