الثلاثاء 24 / صفر / 1447 - 19 / أغسطس 2025
وَلَقَد تَّرَكْنَٰهَآ ءَايَةً فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

وقوله:وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً قال قتادة: أبقى الله سفينة نوح حتى أدركها أول هذه الأمة، والظاهر أن المراد من ذلك جنس السفن.

يعني: هذا القول الأول وبه قال ابن جرير،وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً يعني: سفينة نوح ﷺ، والقول الثاني: أنه جنس السفن وَلَقَد تَّرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ آية تُذكّر بتلك التي حَمل عليها نوحاً ﷺ ومن معه، وهي آية أيضا من آيات الله حيث تجري على الماء، وتحمل فيها الأحمال الثقال من الناس وألوان التجارات وما إلى ذلك،وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً قال: المراد جنس السفن،وَآيَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ ۝ وَخَلَقْنَا لَهُم مِّن مِّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ[سورة يس:41-42]، فما المراد بهذا الفلك المشحون؟ سفينة نوح ﷺ، هذا هو المشهور، لكن قال حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ والمخاطب بذلك ليس من عاصر النبي ﷺ لأن هذا القول أنها سفينة نوح، ولفظ الذرية يطلق على الأجداد على الآباء، ويطلق على الأبناء فهو من الأضداد و ذُرِّيَّتَهُمْ أي: الآباء، ومن أهل العلم من قال: وَآيَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ ليس المقصود الفلك الذي حَمل به نوحاً ﷺ ومن معه، وإنما جنس السفن فتكون الذرية بمعنى الأبناء.

وقال:إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ ۝ لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ [سورة الحاقة:11-12].

الله يقول:فَأَنجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ[سورة العنكبوت:15]،إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاء حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ ۝ لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ[سورة الحاقة:11-12]، والمقصود بقوله:لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً يحتمل أن يكون المراد به هذه الفعلة إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاء حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ ۝ لِنَجْعَلَهَا يحتمل أن تكون هذه، فعلنا ذلك؛ لتكون آية، وتذكرة من أجل الاتعاظ والاعتبار كما قال الله عن قوم نوح: أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً[سورة الفرقان:37] فالآية هي ما وقع لهم من الغرق،ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ ۝ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً[سورة الشعراء:120-121]، ويحتمل أن تكون الآية هي التذكرة هي السفينة.

ولهذا قال هاهنا:فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ أي: فهل من يتذكر ويتعظ؟

روى الإمام أحمد عن ابن مسعود ، قال: أقرأني رسول الله ﷺ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ فقال رجل: يا أبا عبد الرحمن، مُدَّكر أو مُذَّكر؟ قال: أقرأني رسول الله ﷺ: مُدَّكِرٍ.

وهكذا رواه البخاري عن عبد الله قال: قرأت على النبي ﷺ: فَهَلْ مِنْ مُذَّكِرٍ فقال النبي ﷺ: فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ.