الثلاثاء 17 / صفر / 1447 - 12 / أغسطس 2025
وَلَقَدْ رَٰوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِۦ فَطَمَسْنَآ أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا۟ عَذَابِى وَنُذُرِ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ وذلك ليلة ورَدَ عليه الملائكة: جبريل، وميكائيل، وإسرافيل في صورة شباب مُرد حِسان محنَةً من الله بهم، فأضافهم لوط وبعثت امرأته العجوزُ السوءُ إلى قومها، فأعلمتهم بأضياف لوط، فأقبلوا يُهْرَعُون إليه من كل مكان، فأغلق لوط دونهم الباب، فجعلوا يحاولون كسر الباب، وذلك عشية، ولوط ، يدافعهم ويمانعهم دون أضيافه.

النبي بالنسبة لقومه بمنزلة الوالد والأب، والأبوة معروفة أنها نوعان: أبوة تربية، وأبوة ولادة، والنبي بمنزلة الوالد لقومه، ولهذا جاء في القراءة غير المتواترة قراءة أبيّ وقراءة ابن عباس النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وهو أبٌ لهم وأزواجه أمهاتهم، وفي القراءة الثانية النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وهو أبٌ لهم، ويقول: هؤلاء بناتي يعني بنات القبيلة، والمعنى الثاني: أنه قال: هؤلاء بناتي فتزوجوهن، استغنوا بذلك عما حرم الله، لكن لا يمكن لأحد أن يفهم أنه يعرض بناته ليفجروا بهن، هذا لا يمكن ولا يقع من آحاد الناس فضلاً عن أن يقع من نبي كريم، فأعظم الناس غيرة الأنبياء-عليهم الصلاة والسلام.

ويقول لهم:هَؤُلاءِ بَنَاتِي يعني: نساءهم،إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ[سورة الحجر:71]،قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ أي: ليس لنا فيهن أرَبٌ،وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ[سورة هود:79] فلما اشتد الحال وأبوا إلا الدخول، خرج عليهم جبريل ، فضرب أعينهم بطرف جناحه، فانطمست أعينهم. يقال: إنها غارت من وجوههم.

يعني في قوله فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ يحتمل أن يكون بمعنى العمى، أُخذت الأبصار، وظاهره يدل على ما هو أبلغ من هذا، يعني أنها صارت الوجوه صفحة واحدة ليس فيها شق للعيون أصلاً! ذهبت، وهذا الذي اختاره ابن جرير -رحمه الله.

وقيل: إنه لم تبق لهم عيون بالكلية، فرجعوا على أدبارهم يتحسسون بالحيطان، ويتوعدون لوطا إلى الصباح.