الثلاثاء 16 / ربيع الأوّل / 1447 - 09 / سبتمبر 2025
فَتَوَلَّ عَنْهُمْ ۘ يَوْمَ يَدْعُ ٱلدَّاعِ إِلَىٰ شَىْءٍ نُّكُرٍ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُو الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ ۝ خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الأجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ ۝ مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ[سورة القمر:6-8].

يقول تعالى: فتول يا محمد عن هؤلاء الذين إذا رأوا آية يعرضون ويقولون: هذا سحر مستمر، أعرض عنهم وانتظرهم،يَوْمَ يَدْعُو الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ أي: إلى شيء منكر فظيع، وهو موقف الحساب وما فيه من البلاء، بل والزلازل والأهوال،خشَّعًا أَبْصَارُهُمْ أي: ذليلة أبصارهم.

هم أذلاء في ذلك اليوم وأضاف ذلك إلى أبصارهم،خشَّعًا أَبْصَارُهُمْ أي ذليلة أبصارهم؛ لأنه كما قال جماعة من أهل العلم ومنهم كبير المفسرين: إن العز والذل يلوح في عين الإنسان، يعني عين الإنسان يقرأ فيها بعض المعاني، فالذليل تجد بصره خاشعاً، فأضاف ذلك إلى أبصارهم، وقد جاء هذا مبيناً في آيات من كتاب الله يصف ذلهم في موقف الحساب.

يَخْرُجُونَ مِنَ الأجْدَاثِ وهي: القبور.

كما قال الله : فَإِذَا هُم مِّنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ[سورة يس:51].

كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ أي: كأنهم في انتشارهم وسرعة سيرهم إلى موقف الحساب إجابة للداعي جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ في الآفاق.

الجراد حينما ينزل بكميات كبيرة جداً على الأرض، فهو يدب يمشي ويختلط في مشيه فهو كثير جداً، يمشي ويتحرك، وفي تحركه ومشيه اختلاط، يختلط بعضه ببعض، فصوّرهم حينما يقومون من القبور في كثرتهم ومشيهم، واختلاطهم -اختلاط بعضهم ببعض- مثل الجراد، والعرب تمثل بهذا كثيراً، يقصدون به الكثرة كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ تقول: الناس مثل الجراد، ويقولون: مثل الدّبا -وهو صغار الجراد- للكثرة فهذا مشهد للناس حينما يقومون من القبور.

ولهذا قال:مُهْطِعِينَ أي: مسرعين.

مُهْطِعِينَأي: مسرعين، وبعضهم يقول: مسرعين بنظرهم ينظرون إلى الداعية، يترقبون، وينظرون إليه مُّهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ.

إِلَى الدَّاعِي، لا يخالفون ولا يتأخرون،يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ أي: يوم شديد الهول عَبُوس قَمْطَرِير فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ ۝ عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ[سورة المدثر:9-10].

وُصف مِن قِبَلهم بأنه عسر لما فيه من الأهوال والأوجال فهذا على سبيل الوصف والخبر عنه، فلا مانع من أن يخبر عنه بهذا، أو أن يوصف اليوم بمثل هذا، كما سيأتي في قوله -تبارك وتعالى-:فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ[سورة القمر:19]، فهذا ليس من سب الدهر فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ[سورة فصلت:16]، فيجوز وصف اليوم بأنه يوم نحس، ولوط ﷺ قال:هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ[سورة هود:77] فيقال: يوم شديد، ويوم نحس، ويوم عصيب وما أشبه ذلك يوصف بهذا، وليس ذلك من سب الدهر، وإنما هو من وصف اليوم بما هو عليه، والله أعلم.