وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس:وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ يعني: التبن.
وقال العَوْفي، عن ابن عباس:الْعَصْف ورق الزرع الأخضر الذي قطع رءوسه، فهو يسمى العصف إذا يبس، وكذا قال قتادة، والضحاك، وأبو مالك: عصفه: تبنه.
هذه اللفظة وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ السلف -رحمهم الله- اختلفوا فيها كثيراً، وكذلك في الريحان ما المراد به؟ والذي يظهر -والله تعالى أعلم- أن اختلافهم هذا يرجع إلى أن ذلك عند العرب كله يقال له: عصف، فهؤلاء فصحاء وأهل لغة، ومثل هذا لا يخفى على جميعهم، فيختلفوا فيه هذا الاختلاف الكثير، ونقل عن ابن عباس أنه التبن، وهذا الذي اختاره ابن جرير،وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ قال: يعني التبن، وكذلك نقل عن قتادة والضحاك وأبي مالك هذا المعنى، ونقل أيضاً عن ابن عباس لكن من طريق لا تصح قال: الْعَصْف ورق الزرع الأخضر الذي قطع رءوسه، فهو يسمى العصف إذا يبس، فبعضهم فسره بهذا اليابس سواء كان التبن، أو هذا الورق الذي قطع رءوسه، ومنهم من فسره بمعنى آخر لا تعلق له باليبوسة بل بعكسها، يقول: هذا الحب أول ما يظهر يكون ضعيفاً، نبتة ضعيفة لها ورقة،ذُو الْعَصْف، فهذا هو العصف النبتة أول ما تخرج نبتة خضراء صغيرة، ويكون لها ورقتان أو نحو هذا، فيقولون هذا هو الْعَصْف، أول ما ينبت، ومنهم من يقول: ما يقطع من الزرع قبل أن يدرك، قبل أن يتم وينضج فهذا هو العصف، وبعضهم يقول: هو عموماً ورق الشجر والزرع يقال له: العصف وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ يعني الورق.
وقال ابن عباس، ومجاهد، وغير واحد:وَالرَّيْحَانُ يعني: الورق.
وقال الحسن: هو ريحانكم هذا.
وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس:وَالرَّيْحَانُ خضر الزرع.
قول الحسن -رحمه الله-: إن وَالرَّيْحَانُ: هو ريحانكم هذا يعني المشموم، وهو النبت المعروف الذي له رائحة طيبة، ومن أهل العلم من فسره بما هو أوسع من هذا،وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ: أنه كل نبت له رائحة طيبة، ومنه المشموم المعروف وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ المتمتَّع بشم رائحته، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: والريحان خضر الزرع، وهذه اللفظة وَالرَّيْحَانُ قُرأت بالرفع وبالجر، فإذا قُرأت بالرفع وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ تكون معطوفة على الحب، وإذا قُرأت بالخفض تكون عائدة على العصف وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانِ، وعلى قراءة الرفع يمكن أن يكون الريحان شيئاً مستقلاً لا علاقة له بالحب، يحتمل هذا، وبهذا فسره من فسره مثلاً بأنه كل نبت له رائحة طيبة، أو الريحان المعروف فهذا لا علاقة له بالحب؛ لأن الحب معروف أن ما يخرج منه وما ينبت لا رائحة له، فيكون ذكر الحب والعصف، وذكر الريحان، يحتمل هذا وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ، وأما قراءة الجر فإن أحسن ما تفسر به -والله تعالى أعلم- ما ذكره ابن جرير -رحمه الله- من أنه الرزق، وهذا تحتمله قراءة الرفع، ولكن قراءة الجر أحسن ما تفسر به هو الرزق، فهو قوت الناس يقتاتون عليه، والعصف إذا فسر بالتبن أو الورق اليابس أو نحو هذا فهذا تأكله دوابهم،تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنفُسُهُمْ[سورة السجدة:27]،كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ[سورة طه:54]، فعلى قراءة الجر يمكن أن يفسر بالرزق، وهذا قال به طائفة من السلف، والقراءة الأخرى تحتمل المعنيين، وفي قراءة ابن عامر وَالْحَبَّ ذَا الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانَ، وهي قراءة متواترة، والمعنى وخلق الحبَّ ذا العصف وخلق الريحانَ، والريحان هنا يحتمل معنيين، فالحاصل أن قراءة الجر لا تحتمل المشموم.
فيكون الحب مثل القمح صاحب عصف، كأن يفسر العصف بالورق مثلاً، صاحب عصف، أو التبن، لكنه ليس بصاحب مشموم، وعلى تفسيره بما قال ابن جرير -رحمه الله- يكون الجمع بين ما تأكله الأنعام وما يأكله الناس، فالحب ما يأكله الناس فهو رزق، والعصف ما تأكله الأنعام، والله تعالى أعلم.
ومعنى هذا -والله أعلم- أن الحب كالقمح والشعير ونحوهما له في حال نباته عصف، وهو: ما على السنبلة، وريحان، وهو: الورق الملتف على ساقها.
وقيل: العصف: الورق أول ما ينبت الزرع بقلاً، والريحان: الورق، يعني: إذا أدجن وانعقد فيه الحب.
وبعضهم يقول: العصف ما يؤكل من الزروع، والريحان على خلافه ما لا يؤكل منه، وبعضهم يقول: بالعكس يعني أن العصف هو ما تأكله البهائم، والريحان للآدميين.