السبت 10 / ذو الحجة / 1446 - 07 / يونيو 2025
كَأَنَّهُنَّ ٱلْيَاقُوتُ وَٱلْمَرْجَانُ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

ثم قال ينعتهن للخُطاب:كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ، قال مجاهد، والحسن، والسدي، وابن زيد، وغيرهم: في صفاء الياقوت وبياض المرجان، فجعلوا المرجان هاهنا اللؤلؤ.

إذا قيل بأن اللؤلؤ هو الدُّر الكبير، والمرجان هو الصغير، فيكون شبههن من جهة البياض بـ "اللؤلؤ"، ومن جهة صفاء اللون بـ "المرجان"، اللؤلؤ الصغير؛ لأن اللؤلؤ الكبير يكون كثيفاً فلو أنه وضع فيه السلك قد لا يظهر السلك، وأما المرجان فهو اللؤلؤ الصغير فهو في غاية الصفاء شفاف فلو وضع فيه السلك ظهر، فشبههن في البياض بـ"اللؤلؤ" وفي صفاء اللون بـ "المرجان" وقد جاء في الحديث أنه يرى مخ ساقها من وراء الجلد أو الثياب، لشدة الصفاء يرى مخ الساق، ومن فسر المرجان بالأحمر قال:كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ اللؤلؤ يدل على الصفاء والبياض، والمرجان يدل على الحمرة، بياض مع صفاء مشوب بحمرة، وهذا أجمل ما يكون في ألوان النساء.

وقد رواه مسلم عن محمد بن سيرين قال: إما تفاخروا وإما تذكروا، الرجال أكثر في الجنة أم النساء؟

يعني يقول ابن سيرين: إن أهل المجلس يعني أبا هريرة ، ومن معه إما أنهم قالوا ذلك على سبيل البحث والمذاكرة، أو قالوه على سبيل المفاخرة: من الأكثر الرجال أو النساء في الجنة؟

فقال أبو هريرة : أوَلم يقل أبو القاسم ﷺ:إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر، والتي تليها على أضْوَأ كوكب دُرّي في السماء، لكل امرئ منهم زوجتان اثنتان، يُرَى مخ سوقهما من وراء اللحم، وما في الجنة أعزب[1]، وهذا الحديث مُخَرّجٌ في الصحيحين.

قوله:وما في الجنة أعزب بمعنى أنه على هذا الاعتبار: النساء يكنّ على الضعف من الرجال، لكن هذا لا يعني أن هؤلاء النساء -لكل رجل من النساء اثنتان- من نساء الدنيا، فقد يكون المقصود من الحور العين، أو على قول من قال بغير هذا، فعلى كل حال هذا يحتمل، والآية لا يُقطع بتفسيرها بأحد هذين المعنيين، يمكن أن يكون المقصود من الحور العين، ويمكن أن يكون من نساء الدنيا، والنبي ﷺ قال:يا معشر النساء تصدقن فإني رأيتكن أكثر أهل النار![2]، ثم في مجاري العادات أن النساء يوازنّ الرجال يعني في العدد، وفي آخر الزمان النساء أكثر من الرجال، وأخبر النبي ﷺبقوله:وما في الجنة أعزب بمعنى أن هذا ليس فقط لبعضهم، بل لكل واحد زوجتان، ويمكن أن يؤخذ من الجملة وما في الجنة أعزب يمكن أن يفهم منها: ولا في النساء، فالكل متزوج، والنساء اللاتي لم يتزوجن، يمكن أن يُجبَن بهذا الحديث:وما في الجنة أعزب، أقول هذا؛ لأن السائلات عنه كثير، حتى إن بعض النساء تدعو لزوجها تقول: الله يدخلك الجنة لكن بدون حور!! إلى هذا الحد، هذا موجود، لا يكفي الغيرة من نساء الدنيا بل حتى من نساء الجنة!!.

روى الإمام أحمد عن أنس ، أن رسول الله ﷺ قال:لَغَدْوَةٌ في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها، وَلَقَابُ قوس أحدكم أو موضع قيده -يعني: سوطه- من الجنة خير من الدنيا وما فيها، ولو اطلعت امرأة من نساء أهل الجنة إلى الأرض لملأت ما بينهما ريحا، ولطاب ما بينهما، ولنَصِيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها[3]، ورواه البخاري بنحوه.
  1. رواه مسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر وصفاتهم وأزواجهم، برقم (2834)، والبخاري، بدون "وما في الجنة أعزب"، كتاب بدء الخلق، باب ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة، برقم (3081).
  2. رواه البخاري، كتاب الحيض، باب ترك الحائض الصوم، برقم (298)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب بيان نقصان الإيمان بنقص الطاعات، برقم (79).
  3. رواه الإمام أحمد في المسند، برقم (12436)، وقال محققوه: حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، والبخاري، كتاب الجهاد والسير، باب الحور العين، وصفتهن يحار فيها الطرف، شديدة سواد العين شديدة بياض العين، برقم (2643)، واللفظ لأحمد.