الخميس 04 / ربيع الأوّل / 1447 - 28 / أغسطس 2025
ثُلَّةٌ مِّنَ ٱلْأَوَّلِينَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

وقوله:ثُلَّةٌ مِنَ الأوَّلِينَ ۝ وَثُلَّةٌ مِنَ الآخِرِينَ أي: جماعة من الأولين وجماعة من الآخرين.

روى ابن أبي حاتم عن عبد الله بن مسعود قال: وكان بعضهم يأخذ عن بعض- قال: أَكْرَينا ذات ليلة عند رسول الله ﷺ ثم غدونا عليه، فقال:عُرضت عليَّ الأنبياء وأتباعها بأممها، فيمر علي النبي، والنبي في العصابة، والنبي في الثلاثة، والنبي ليس معه أحد -وتلا قتادة هذه الآية:أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ [سورة هود:78]- قال: حتى مرَّ عليَّ موسى بن عمران في كبكبة من بني إسرائيل، قال: قلتُ: ربي من هذا؟ قال: هذا أخوك موسى بن عمران ومن معه من بني إسرائيل"، قال: قلت: رب فأين أمتي؟ قال: انظر عن يمينك في الظراب، قال: فإذا وجوه الرجال، قال: قال: أرضيت؟، قال: قلت: قد رضيت، رب، قال: انظر إلى الأفق عن يسارك فإذا وجوه الرجال، قال: أرضيت؟ قلت: رضيت، رب، قال: فإن مع هؤلاء سبعين ألفا، يدخلون الجنة بغير حساب، قال: وأنشأ عُكاشة بن مُحْصَن من بني أسد -قال سعيد: وكان بَدْريًّا- قال: يا نبي الله، ادع الله أن يجعلني منهم. قال: فقال:اللهم اجعله منهم، قال: أنشأ رجل آخر، قال: يا نبي الله، ادع الله أن يجعلني منهم، فقال:سبقك بها عكاشة، قال: فقال رسول الله ﷺ:فإن استطعتم -فداكم أبي وأمي- أن تكونوا من أصحاب السبعين فافعلوا وإلا فكونوا من أصحاب الظراب، وإلا فكونوا من أصحاب الأفق، فإني قد رأيت ناسًا كثيرًا قد تأشَّبوا حوله، ثم قال:إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة، فكبرنا، ثم قال:إني لأرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة، قال: فكبرنا، قال:إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة، قال: فكبرنا، ثم تلا رسول الله ﷺ هذه الآية:ثُلَّةٌ مِنَ الأوَّلِينَ ۝ وَثُلَّةٌ مِنَ الآخِرِينَ قال: فقلنا بيننا: من هؤلاء السبعون ألفا؟ فقلنا: هم الذين ولدوا في الإسلام، ولم يشركوا، قال: فبلغه ذلك، فقال:بل هم الذين لا يكتوون، ولايسترقون ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون[1].

وهذا الحديث له طرق كثيرة في الصحاح وغيرها.

قوله: "أَكْرَينا" بمعنى أطلنا المكث عند رسول الله ﷺ، وهذه اللفظة من الأضداد تأتي بمعنى أطلنا المكث، وتأتي بمعنى التقليل.

والظراب في قوله: (انظر عن يمينك في الظراب قال: فإذا وجوه الرجال) تطلق على الجبال الصغيرة، فإذا وجوه الرجال أي بادية، يعني رأى أمته -عليه الصلاة والسلام-، والله أعلم.

قوله:تأشَّبوا حوله يعني اجتمعوا وطافوا به.

أمتي هذه؟ قيل: هذا موسى وقومه، قيل انظر إلى الأفق فإذا سواد يملأ الأفق ثم قيل لي: انظر هاهنا وهاهنا في آفاق السماء فإذا سواد قد ملأ الأفق قيل هذه أمتك، ويدخل الجنة من هؤلاء سبعون ألفا بغير حساب))، ثم دخل ولم يبين لهم فأفاض القوم وقالوا نحن الذين آمنا بالله واتبعنا رسوله فنحن هم أو أولادنا الذين ولدوا في الإسلام فإنا ولدنا في الجاهلية فبلغ النبيَّ ﷺ فخرج، فقال:هم الذين لا يسترقون ولا يتطيرون ولا يكتوون وعلى ربهم يتوكلون ، فقال عكاشة بن محصن: أمنهم أنا يا رسول الله؟ قال:نعم، فقام آخر فقال أمنهم أنا؟ قال:سبقك بها عكاشة، كتاب الطب، باب من اكتوى أو كوى غيره وفضل من لم يكتو، برقم (5378)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب الدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة بغير حساب ولا عذاب، برقم (220).

  1. رواه ابن أبي حاتم في تفسيره (12/277)، والبخاري عن عمران بن حصين -ا- بلفظ قال فيه: لا رقية إلا من عين أو حُمة، فذكرته لسعيد بن جبير فقال حدثنا ابن عباس -ا- قال رسول الله ﷺ: ((عرضت علي الأمم فجعل النبي والنبيان يمرون معهم الرهط، والنبي ليس معه أحد حتى رفع لي سواد عظيم قلت ما هذا؟