الجمعة 01 / محرّم / 1447 - 27 / يونيو 2025
إِنَّهُمْ كَانُوا۟ قَبْلَ ذَٰلِكَ مُتْرَفِينَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

ثم ذكر تعالى استحقاقهم لذلك، فقال تعالى:إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ أي: كانوا في الدار الدنيا منعمين مقبلين على لذات أنفسهم، لا يلوون على ما جاءتهم به الرسل.

المعنى أنهم قد أترفوا ترفاً لا يحل لهم، مضت حياتهم بالترف والتوسع في الملاذ، فيقال لهم في الآخرة:أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا[سورة الأحقاف:20] كانوا مترفين، والله وصف الكفار بهذا كما وصف به أهل النفاق:وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ[سورة المنافقون:4]؛ لمَا يظهر عليه من أثر الترف، ومن السلف كعمر بن الخطاب من كان يرى أن ذلك يكون نقصاً في حظ صاحبه من الآخرة، يعني حتى المؤمن، فكان يتأول هذه الآية:أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا حتى لو كان ذلك مباحاً، والله يقول:لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ[سورة التكاثر:8]، فكل ذلك مما يحاسب عليه الإنسان، لكن يجوز للإنسان أن يأكل الطيبات فكان النبي ﷺ يحب الحلو البارد ويحب الحلوى ولم يكن يمنع نفسه، ويحرم على نفسه ﷺ شيئاً من الطيبات، وكان يعجبه النساء والطيب:حُبب إلىّ من دنياكم النساء والطيب[1]، لكن هؤلاء تركوا الله والدار الآخرة واشتغلوا بتتريف الأجسام على حساب آخرتهم فكان هذا جزاءهم إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ.

  1. رواه النسائي، كتاب عشرة النساء، باب حب النساء، برقم (3939)، وأحمد في المسند، برقم (12293)، وقال محققوه: إسناده حسن، وقال الألباني: حسن صحيح، في تحقيق مشكاة المصابيح، برقم (5261).