الثلاثاء 20 / ذو الحجة / 1446 - 17 / يونيو 2025
إِنَّ ٱلْمُصَّدِّقِينَ وَٱلْمُصَّدِّقَٰتِ وَأَقْرَضُوا۟ ٱللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَٰعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ ۝ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ [سورة الحديد:18-19].

يخبر تعالى عما يثيب به المُصَّدقين والمُصَّدقات بأموالهم على أهل الحاجة والفقر والمسكنة،وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا أي: دفعوه بنية خالصة ابتغاء وجه الله، لا يريدون جزاء ممن أعطوه ولا شكورًا؛ ولهذا قال:يُضَاعَفُ لَهُمُ أي: يقابل لهم الحسنة بعشر أمثالها، ويزداد على ذلك إلى سبعمائة ضعف، وفوق ذلك وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ أي: ثواب جزيل حسن، ومرجع صالح ومآب كَرِيمٌ.

 فقوله -تبارك وتعالى-: إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا في قراءة أُبيّ -وهي قراءة غير متواترة- "المتصدقين" بالتاء، وفي القراءة الأخرى المتواترة قراءة ابن كثير "المصَدقين" بتخفيف الصاد، بمعنى الإيمان الذي هو التصديق الانقيادي، بمعنى الإقرار، فيكون المعنى بهذا الاعتبار إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ يعني: الذين آمنوا وأنفقوا كما جاء في مواضع من كتاب الله ، والقراءتان كما هي القاعدة التي أشرنا إليها في بعض المناسبات: إذا كان لكل قراءة معنى فهما بمنزلة الآيتين، يعني إن المؤمنين والمنفقين، والثانية إن المصَّدقين يعني المتصدقين الذين كانت صدقتهم بالصفة المذكورة،وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا، والقرض الحسن هنا ذكر فيه ما يتعلق بالإخلاص، وذلك مما يدخل تحت هذا الوصف، وكذلك أيضا ألا يكون مع هذه الصدقة والنفقة منٌّ ولا أذى؛ لأن ذلك لا يكون من القرض الحسن، فهو الذي سلم من جهة قصد صاحبه، فلم يكن فيه رياء ولا سمعه، وسلم أيضا من الآفات التي تنقصه أو تبطل ثوابه لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ[سورة البقرة:264].