وقوله تعالى:وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا وقال الشافعي: هو أن يمسكها بعد الظهار زمناً يمكنه أن يطلق فيه فلا يطلق.
وقال أحمد بن حنبل: هو أن يعود إلى الجماع أو يعزم عليه فلا تحل له حتى يكفر بهذه الكفارة، وقد حُكي عن مالك: أنه العزم على الجماع أو الإمساك، وعنه أنه الجماع.
عن سعيد بن جبير:ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا يعني: يريدون أن يعودوا في الجماع الذي حرموه على أنفسهم.
وقال الحسن البصري: يعني الغشيان في الفرج.
قوله -تبارك وتعالى-:وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ هذه فيها ثلاث قراءات متواترة، وَالَّذِينَ يَظَّهَّرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ هذه قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو، وهذه القراءة التي نقرأ بها وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ قراءة عاصم، والقراءة الثالثة:وَالَّذِينَ يَظَّاهَرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ قراءة ابن عامر وحمزة والكسائي.
هذه المسألة التي يذكرها الحافظ ابن كثير -رحمه الله- في معنى قوله:ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا، اختلف أهل العلم في المراد بالعود كثيراً، فبعضهم فسره بالعزم، كما يقوله أبو حنيفة وهو رواية عن مالك، وقبلهم قال به قتادة، ولكن هذا المعنى أنكره الإمام أحمد -رحمه الله-، العزم، فهذا رجل الآن ظاهر من امرأته وقال ما قال، هل بمجرد العزم تشتغل ذمته بالكفارة فلو مات قبل أن يجامع، ظاهر وعزم على الجماع ثم مات، هل نُخرج من تركته كفارة، نقول: هذا عليه كفارة ظهار؛ لأنه عزم على الوطء، ولم يحصل منه وطء؟، لا يقال: ذمته مشغولة، إذاً تفسيره بالعزمثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فيه إشكال، فبمجرد العزم لا تشتغل الذمة، لا تكون مشتغلة بالكفارة بمجرد العزم، وهذا حمل بعض أهل العلم على القول: إن المراد بالعود هو الوطء؛ لأن الكفارة تتعلق بذمته إذا حصل الوطء، لكن هذا يرد عليه إشكال، وهو أنه لا يجوز له أن يطأ حتى يكفّر، فكيف يفسر بالوطء؟ الإمام أحمد ذهب إلى تفسيره بالوطء، وهو أيضاً مروي عن أبي حنيفة، وهو الرواية الأخرى عن مالك، وبه قال الحسن البصري، أنه الوطء، وهذا الذي ذهب إليه الحافظ ابن القيم -رحمه الله-، يعني: كأنه إما أن يقال: العزم على الوطء، فالذمة كما سبق لا تشتغل إلا بالوطء، وإذا قلت: الوطء، هو لا يجوز أن يطأ حتى يكفر، فهو متردد بين هذا وهذا، لكن الواقع يمكن أن يقال غير هذا، سمعتم قول الشافعي -رحمه الله- ماذا قال؟، أن يمسكها بعد المظاهرة زماناً يمكنه أن يطلق فيه فلا يطلق، وقريب من هذا ينقل عن الإمام مالك -رحمه الله-: أن يمسكها ويترك مفارقتها بعد المظاهرة.
وبعضهم يقول كالليث -وهو منقول عن أبي حنيفة-: لأن الظهار يوجب تحريماً لا يرفعه إلا الكفارة، والعود على هذا أنه لا يستبيح وطأها إلا بكفارة، وبعضهم يقول: المقصود ثُمَّ يَعُودُونَ يعني: يعودون إلى لفظ الظهار مرة أخرى، يعني تكرار أو تكرير هذا اللفظ، يكرره كما يقول الظاهرية ابن حزم وداود وأمثال هؤلاء، يكرر ذلك، لكن هذه الأقوال لا تخلو من إشكال، يقول هنا: وقال أحمد: هو أن يعود إلى الجماع أو يعزم عليه فلا تحل له حتى يكفّر بهذه الكفارة.
الشنقيطي -رحمه الله- ذكر قولاً يجمع بين القولين المشهورين -أنه العزم أو الوطء- قال: العود له مبدأ ومنتهى، له مبدأ ومنتهى، مبدأه العزم ومنتهاه الوطء، فإذا عزم فلا يجوز له أن يطأ حتى يكفر،ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا.
مع أن بعض أهل العلم يقول: هذا من المقدم، يعني: الآية فيها تقديم وتأخير، وعرفنا أن الأصل في الكلام الترتيب مهما أمكن حمله على معنى صحيح، فبعضهم يقول: فيه تقديم وتأخير، يعني:فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا،فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، ثم من لم يجد فإطعام ستين مسكيناً،ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا: إنا لا نفعله، فيفعلونه، يكون فيه تقديم وتأخير، يعني:الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ إلى آخره، ثم قال:وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ[سورة المجادلة:3]،فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا،فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا[سورة المجادلة:4]،ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا: إنهم لا يفعلونه، فيفعلونه، هذا معنى ذكره بعض أهل العلم، ولكن الأصل في الكلام الترتيب، فهو مقدم على القول أو دعوى التقديم والتأخير؛ لهذا ضعف هذا القول الشيخ محمد الأمين الشنقيطي ورده.
وعلى كل حال ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا يعني: يرجعون عما قالوا، في نقض ما قالوا، ولهذا قال ابن جرير-رحمه الله-:إن اللام هذه لِمَا قَالُوا هي بمعنى "إلى" أو "في" يرجعون فيما قالوا، يرجعون إلى ما قالوا، ولهذا فسره بأنهم يعودون لنقض ما قالوا من التحريم فيحللونه، ويذكر أنه لو قيل: إن المعنى ثم يعودون إلى تحليل ما حرموا أو تحريم ما حللوا فصواب؛ لأن كل ذلك عود له، يعني: يعودون لتحليل ما حرموا على
أنفسهم مما أحله الله لهم، هذا المراد بالعود، والله تعالى أعلم.
هنا قال الله تعالى:مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّايعني: أن الكفارةفَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا، كذلك صرح بهذا في الصيام،مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا، والمس من أهل العلم من فسره بالوطء، ومن ثَمّ إذا فُسر بالوطء مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فإذاً غير الوطء من أنواع الاستمتاع جائز؛ لأن الممنوع هو المس كما جاء عن ابن عباس والحسن وسفيان، فلا حرج إذاً في المباشرة والتقبيل وسائر أنواع الاستمتاع غير الوطء.
القول الآخر: أن المس هنا يشمل الوطء وسائر أنواع الاستمتاع، كما جاء عن مالك وهو رواية عن الشافعي، وهذا رجحه الشيخ محمد الأمين الشنقيطي، باعتبار أن الرجل هذا نزلها منزلة الأم، فلا يجوز له الاستمتاع بالأم بأي وجه كان، فمن نظر إلى ظاهر اللفظ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فإن المس في لغة العرب هو الوطء، فأخذ بظاهر اللفظ، ومن نظر إلى المعنى قال: هذا نزلها منزلة الأم، فإذا نزلها منزلة الأم لا يجوز له أن يستمتع بشيء منها قبل أن يكفّر، وهذا القول أحوط، وأبرأ للذمة، والله تعالى أعلم.
وقال الحسن البصري: يعني الغشيان في الفرج، وكان لا يرى بأسا أن يَغشى فيما دون الفرج قبل أن يكفّر.
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس:مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا والمس: النكاح، وكذا قال عطاء، والزهري، وقتادة، ومقاتل بن حيان.
وقال الزهري: ليس له أن يقبلها ولا يمسها حتى يكفِّر.
وقد روي أهل السنن من حديث عكرمة عن ابن عباس أن رجلا قال: يا رسول الله، إني ظاهرت من امرأتي فوقعت عليها قبل أن أكفّر، فقال:ما حملك على ذلك يرحمك الله؟، قال: رأيت خلخالها في ضوء القمر، قال:فلا تقربها حتى تفعل ما أمرك الله [1]، وقال الترمذي: حسن غريب صحيح، ورواه أبو داود والنسائي.
لو واقع قبل الكفارة، ظاهر من امرأته وقبل أن يكفر واقع امرأته، فما الحكم؟
فهنا عندنا هذا الحديث، الرجل الذي سأل النبي ﷺ فأمره بكفارة واحدة، يعني هو يأثم لكن لا تتكرر الكفارة، مثل لو أنه أعاد اليمين قبل أن يكفّر، فإنه عليه كفارة واحدة، بخلاف ما لو أنه كفر ثم أعاد اليمين، أو أعاد الظهار فعليه كفارة أخرى، وكذلك جاء في السنن أن سلمة بن صخر أيضاً ظاهر من امرأته مدة شهر رمضان، ثم واقعها ليلة قبل انسلاخه، فأمره النبي ﷺ بالكفارة، يعني: كفارة واحدة، وكذلك جاء عند الترمذي وابن ماجه عن سلمة بن صخر في المظاهر يواقع قبل أن يكفر، فقال النبي ﷺ:كفارة واحدة[2].
الرقبة غير مقيدة بالإيمان، المطلق محمول على المقيد كما هو معروف، وله أحوال معه أربعة، لكن هذا مما يدخل في بعض صورها الصحيحة التي يحمل فيها المطلق على المقيد، اتحاد الحكم والسبب، واختلاف الحكم والسبب، واتحاد الحكم واختلاف السبب، والعكس.
وقوله تعالى:ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ أي: تزجرون به وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ أي: خبير بما يصلحكم، عليم بأحوالكم.
وقوله تعالى:فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا قد تقدمت الأحاديث الواردة بهذا على الترتيب، كما ثبت في الصحيحين في قصة الذي جامع امرأته في رمضان.
هذا الصيام قال:فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ لابد من التتابع،مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا، ولو أنه أفطر أثناء الشهرين بعذر، سافر أو مرض، فالجمهور يقولون: يبني على ما سبق، فهو معذور، وهذا الذي اختاره ابن جرير، وبه قال جمع من السلف كسعيد بن المسيب، والحسن، وعطاء بن أبي رباح، وعمرو بن دينار، وهو رواية عن الشافعي، وقال به مالك، وقبله الشعبي، هؤلاء يعذرونه مطلقاً، والشيخ محمد الأمين الشنقيطي يقيد هذا بقيد العذر، يقول: يفرق بين العذر الذي بيده، والعذر الذي ليس بيده، فالعذر الذي بيده السفر إذا كان يستطيع أن يدفعه، والعيد وأيام التشريق ورمضان، كيف يستطيع دفع العيد إلى آخره؟ قال: يوقّت الصوم بحيث لا ينقطع، هو يعرف أنه سيسافر في هذا الوقت، يعرف أنه سيقطعه العيد وأيام التشريق، إذاً يوقت الصوم في وقتٍ ما ينقطع فيه، وإنما يعذر بالعذر الذي ليس له مدفع، مرض ماذا يفعل؟لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا[سورة البقرة:286]، والشنقيطي قال: لأن التتابع مقصود فمهما أمكن تحقيقه فهو مطلوب، الآخرون قالوا: هذا مثل رمضان، إذا كان يعذر بالفطر في رمضان فكذلك في كل صوم واجب، فهذا قول عامة أهل العلم أنه معذور، وبعضهم قال: لا، هذا لا يأثم إذا أفطر بعذر، ولكن عليه أن يستأنف من جديد، فهذا مذهب أبي حنيفة وقبله قال به إبراهيم النخعي، وهو رواية عن الشافعي، ولا شك أن القول الأول أصح وأرجح، وقول الشنقيطي أحوط، يعني يمكن أن يرشد الإنسان قبل أن يفعل يقال له: لو جعلته في وقت لا ينقطع فهو أفضل؛ لأنك أيضاً تخرج من خلاف الذين قالوا: لا يصح، عليه أن يبدأ من جديد، فهذا قول وسط، وهذا مثال لإحداث قول ثالث ليس فيه إبطال للقولين، وإنما جمع بينهما، في أصول الفقه العلماء يتكلمون على نقض الإجماع فيما لو اختلف العلماء على قولين هل له أن يحدث قولاً ثالثاً أو لا؟ فإن كان هذا القول لا يرد القولين ولا يعود عليهما بالإبطال فلا إشكال، وذكرت في بعض المناسبات مثالاً لهذا في مسألة البسملة، وقول صاحب المراقي:
وبعضُهم إلى القراءة نظر | وذاك للوفاقِ رأيٌ معتبر |
يعني: أن البسملة على بعض الأحرف من الفاتحة مثلاً، وعلى بعض الأحرف ليست منها، فمن قرأ بحرف هي منها لم يسقطها، ومن قرأ بحرف ليست منها فله أن يسقطها.
ولو أنه حصل الوطء خلال الشهرين، هذا الوطء قد يقع ليلاً وقد يقع نهاراً، إن وقع نهاراً فهذا لا إشكال أنه يبطل الصوم، كما لو أكل أو شرب، بل أشد؛ لأن كل ذلك من أجل الوطء، وهو ممنوع من الوطء، فهذا يبطل بالإجماع، لو حصل الوطء نهاراً في وقت الصوم، يصوم الشهرين فوقع الوطء في النهار، هذا لا إشكال، لكن لو وقع الوطء ليلاً، هو ليس بصائم في الليل، نحن قلنا: إذا حصل الوطء قبل الكفارة لا زالت كفارة واحدة، لكن الآن هو يصوم، فوقع عليها ليلاً، هو لا يجوز له أن يقع عليها حتى ينتهي من الكفارة، فماذا لو أنه وقع منه الوطء؟ فبعض أهل العلم كمالك وأبي حنيفة وأحمد يقول: يبطل، ولو كان بالليل، يبطل، وأما الشافعي وهي رواية أخرى عن الإمام أحمد -رحمه الله- فيقول: يبطل بالنهار فقط، وهذا الذي رجحه الشيخ محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله- مع أنه ممنوع من الوطء ليلاً، هم يوافقون على هذا، فعليه أن يمتنع من الوطء، لكن لو حصل في الليل فهذا هل يبدأ الصوم من جديد أو يكمل صومه؟ فيه هذا الخلاف المعروف.
فعلى كلام الشنقيطي -رحمه الله- يكون عاصياً وآثماً لكن الصوم لم ينتقض، هو يصوم شهرين متتابعين.
هنا في إطعام المسكين،فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا، ما قال هنا:مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا، فمن عجز عن عتق الرقبة وعجز عن الصيام فحقه الإطعام، فلا يقال: يجب أن يكون الإطعام قبل المسيس، فيمكن أن يجامع ثم يطعم، كما في كفارة اليمين له أن يفعل ما حلف أن لا يفعله مثلاً ثم يكفّر، وله أن يكفر ثم يفعل، والأمر في ذلك يسير، والأحاديث تدل عليه.
والظاهر -والله تعالى أعلم- أنه يرجع إلى ما قبله من القيود، أن الإطعام يكون قبل المسيس أيضاً؛ لأنه ممنوع منها حتى يكفّر، نزلها منزلة الأم، فلابد من الكفارة من أجل أن تحل له، لكن هنا بالإطعام هل يحتاج أن يكون إطعام ستين مسكيناً عن ستين يوماً نقول: كل يوم واحد، اجلس ستين يوماً؟ الجواب: لا، لكن لابد من مراعاة العدد، من ستين، لو أعطى واحداً طعام ستين لا يجزئ؛ لأن ذكر العدد مقصود وفيه إحسان إلى هذا العدد الكبير، فما ذكر فيه العدد في الكفارات فهو معتبر، خلافاً لأبي حنيفة الذي يقول: يكفي لو أنه أعطاه لواحد، طعام ستين أعطاه لواحد، نقول: لا، لابد من استيعاب العدد؛ لأن الله ذكر ذلك، فيمكن أن يعطيهم دفعة واحدة، يمكن أن يكون الطعام مطبوخاً، يعطيهم عشاء، غداء، ويجلسون عليه ويأكلون في خلال نصف ساعة يكون هذا الإنسان أدى ما عليه، بل لا يحتاج أنهم ينتهون من الأكل، بمجرد التمكين لهم وتمليكهم، هو يجب أن يملكهم هذا الطعام، فإذا ملكهم إياه يكون قد فعل ما وجب عليه، يعني ما يحتاج أن ينتظر يقول: حتى تنتهوا، بمجرد ما يملكهم هذا الطعام يكفي ذلك، فيكفي فيه أن يكون غداء أو عشاء، سواء كانوا متفرقين أو مجتمعين، المهم أن يملّكهم ذلك، وهذا بعض ما يتعلق بقوله:فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا.
ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ أي: شرعنا هذا لهذا.
أن الامتناع عن الزوجة إيمان، حتى يكفّر، الكفارة من خصال الإيمان، الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة، فكون الإنسان يمتنع من امرأته ونفسه تتوق إليها، وكون الإنسان يخرج الكفارة تقرباً إلى الله وتعبداً بما أمره فهذا إيمان، الإيمان قول وعمل، قال:ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ.
وقوله تعالى:وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ أي: محارمه فلا تنتهكوها.
وقوله تعالى:وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌأي: الذين لم يؤمنوا ولا التزموا بأحكام هذه الشريعة، لا تعتقدوا أنهم ناجون من البلاء، كلا ليس الأمر كما زعموا، بل لهم عذاب أليم، أي: في الدنيا والآخرة.
- رواه الترمذي، أبواب الطلاق واللعان عن رسول الله ﷺ، باب ما جاء في المظاهر يواقع قبل أن يكفر، برقم (1199)، والطبراني في المعجم الكبير، برقم (11600)، وحسنه الألباني في إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل (7/ 179)، برقم (2092).
- رواه الترمذي، كتاب الطلاق، باب ما جاء في المظاهر يواقع قبل أن يكفر، برقم (1198)، وابن ماجه، كتاب الطلاق، باب المظاهر يجامع قبل أن يكفر، برقم (2064).